إلى حضيض الكفر (فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ) جمع طائر وقد يقع على الواحد ، والخطف الأخذ بسرعة (أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) بعيد مفرط في البعد ، فإنّ الشيطان قد طرح به في الضلالة و «أو» للتخيير كما في قوله (أَوْ كَصَيِّبٍ) ويجوز أن يكون من التشبيه المركّب فكأنّه قال : من أشرك بالله فقد أهلك نفسه إهلاكا شبيها بأحد الإهلاكين.
(ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللهِ) معالم دينه والأعلام الّتي نصبها لطاعته جمع شعيرة بمعنى العلامة فقيل المراد بها كلمة الله وتعظيمها التزامها ، وقيل : هي مناسك الحجّ كلّها ، وقيل : هي الهدايا والبدن فإنّها من معالم الحجّ ، وهو أوفق بما بعده ، وتعظيمها أن يختار سمانا حسانا غالية الأثمان.
وعن الباقر عليهالسلام : لا تماكس في أربعة أشياء في الأضحيّة وفي ثمن النّسمة وفي الكفن وفي الكرا إلى مكّة (١).
(فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) فانّ تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب ، حذفت هذه المضافات إذ لا يستقيم المعنى بدونها (لَكُمْ فِيها مَنافِعُ) من ركوبها وحملها وشرب ألبانها من غير إضرار بها أو بولدها (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أن تنحر أو تذبح ، وقيل المنافع درّها وظهورها ونسلها وصوفها إلى أن يسمّى هديا ، وإليه مآل أصحاب الرأي ولهذا لم يجوّزوا بعد تسميتها هديا ركوبها ونحوه ، والأوّل مذهبنا ومذهب الشافعيّ ومالك وأحمد وهو الأصحّ ، لأنّها قبل أن يسمّى هديا لا يسمّى شعائر.
__________________
ـ ثم خريم بالمعجمة ثم الراء مصغرا فما في نقد الرجال ص ٥١ وجامع الرواة ج ١ ص ١١١ ومنهج المقال ص ٦٤ من ضبطه بالزاي عند ترجمة أيمن لعله من سهو النساخ أو المؤلف ثم ان خريم ليس ابن فاتك وانما هو ابن الاخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك نسب لجد جده ثم فاتك هو ابن القليب بضم القاف وآخره باء موحدة ابن عمرو بن اسد بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر كذا في الإكمال ج ١ ص ٣٨ وجمهرة أنساب العرب لابن حزم ص ١٩٠.
(١) راجع الوسائل أبواب آداب التجارة الباب ٤٦ تحت الرقم ٢ و ٣.