أو يقال : هي ظاهرة في التحلّل مطلقا لكنّها مخصوصة بما عدا النّساء ، لقيام الدّليل على أنّ التحلّل منهنّ يكون بما ذكر ، وعلى ما ذكرناه من حمل الآية على المحصر بالمرض لا بدّ فيه من بعث الهدي والصّبر حتّى يبلغ محلّه كما اقتضته الآية ودلّ عليه بعض الأخبار أيضا ، وهو قول أكثر الأصحاب إلّا أنّ في بعضها ما يدلّ على جواز الذّبح مكانه أيضا. وهو ما تقدّم من صحيحتي معاوية ورفاعة الدّالّتين على الذّبح مكانه ، وبه أخذ بعض الأصحاب واختار بعضهم الذّبح مكانه في المرض ما لم يكن ساق ، وفرّق آخرون بين التطوّع والواجب فجوّزوا النّحر مكانه في الأوّل وأوجبوا البعث في الثّاني مستدلّين عليه بظاهر فعل الحسين عليهالسلام في الرواية المتقدّمة.
وأجاب العلّامة بحمله على ما إذا لم يتمكّن المريض من المقام على إحرامه ، بل يفتقر إلى الحلق فإنّه والحالة هذه يجوز له التحلّل مطلقا بعد الذّبح أو النحر ، ويمكن الجمع بين الأدلّة بالتخيير بين البعث والذبح مكانه في المحصور بالمرض ، ويحتمل فعله عليهالسلام حيث ذبح مكانه على الجواز بمعنى كونه أحد الفردين الواجبين ، وعلى هذا فيثبت وجوب البعث بالآية ، ويثبت الإجزاء في الذّبح مكانه بالأخبار الدّالّة عليه ، والاحتياط في البعث.
تنبيهات :
الأول : قد يدّعى أنّ ظاهر الآية وجوب التحلّل بالهدي في صورة الإحصار بالمرض ، سواء أراده أولا ، حيث علّق وجوبه على الإحصار ، وهو خلاف ما يظهر من الأصحاب حيث حكموا بوجوب ذلك مع إرادة التحلّل لا مطلقا ، ويمكن حمل الآية عليه بل يمنع ظهورها في الأوّل ومن ثمّ حملها المفسّرون على هذا ، وقيّدوا الحكم فيها بالإرادة كما يعلم من كلام القاضي والكشاف ومجمع البيان وغيرهم (١).
الثاني : هل يتوقّف التحلّل على الحلق أو يكفي في ثبوته مجرّد حضور وقت المواعدة لنائبه في الذبح؟ الظاهر الأوّل لثبوت حكم الإحرام فلا يخرج عنه إلّا بالمحلّل
__________________
(١) انظر المجمع ج ١ ص ٢٩٠ والكشاف ج ١ ص ٢٤٠ والبيضاوي ص ٤٢ عند شرح قوله تعالى (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) يصرحون بإرادة التحليل.