الآية المقتضى للتحلّل بما استيسر من الهدي ، وإلى أنّ المقتضى للتحلّل مع فوات وقت الحجّ هو العمرة المفردة ، ولا يبعد ترجيح الأوّل لظاهر الآية ولصحيحة زرارة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام «وإن قدم مكّة وقد نحر هديه فانّ عليه الحجّ من قابل والعمرة ، قلت فان مات قبل أن ينتهي إلى مكّة قال إن كانت حجّة الإسلام يحجّ عنه ويعتمر ، فإنّما هو شيء عليه» لدلالتها علي أنّه متى قدم بعد فوات الحجّ وحصول الذّبح لم يكن عليه شيء إلّا الحجّ مع العمرة في القابل ، إذ لم يتعرّض في ذلك لما يجب عليه الآن ، فلو وجب عليه شيء آخر ، لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولا يرد جواز أن يكون المراد يجب عليه الحجّ من قابل والعمرة الآن للتحلّل. لأنّ تتمّة الرّواية صريحة فيما قلناه فتأمّل.
الثامن : قد يدّعى أنّ الظاهر من الآية الإحصار عن إتمام الأفعال بمعنى أنّه لم يأت بالحجّ ولا بالعمرة تامّين ومقتضى ذلك ثبوت أحكام الحصر فيما يضرّ تركه عمدا كطواف الزّيارة ونحوه ممّا يبطل [الحجّ] عمدا لا نحو مناسك منى وطواف النّساء لعدم فوات الحجّ به ، وإن تعمّد.
وفيه نظر فانّ الظاهر من الآية ، المنع عمّا يحصل الحجّ أو العمرة به ويتحقّق فواتهما بفواته ، كالموقفين أو أحدهما إذا استلزم فوت الآخر ، ومتى حصل أحدهما لم يثبت حكم الحصر ، ويؤيّد ذلك ما قاله الأصحاب إنّه إذا مرض بعد الموقفين طيف به إن أمكن ، وإلّا استناب من يطوف عنه ، وأيضا إبطال الحجّ بعد تحقّق الموقفين اللّذين هما العمدة والمدار في حصول الحجّ وفواته ، وإيجاب هدي آخر والطواف ، لإباحة النّساء خلاف الأصل ، وبعيد عن الشريعة السمحة السهلة ، فعلى هذا لو أحصر عن عرفة فحصل له وقوف المشعر أو العكس لم يجب عليه شيء للإحصار.
ويؤيّد ذلك الأخبار (٢) الدّالّة على إدراك الحجّ بإدراك أحد الموقفين ، وصحيحة
__________________
(١) راجع الوسائل أبواب الإحصار والصد الباب ٣ تحت الرقم ١.
(٢) تجدها خلال أبواب الوقوف بعرفات وأبواب الوقوف بالمشعر من الوسائل.