(لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وقد اختلف في تحديده فقال الشيخ في النهاية حدّ حاضري المسجد الحرام من كان بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلا وهو قول أكثر الأصحاب ، وعليه الشّافعيّة فإنّهم يجعلون ذلك من كان من الحرم على مسافة القصر وهي عندهم هذا المقدار ، وقال الشيخ في المبسوط : حدّ حاضري المسجد الحرام من كان بينه وبين المسجد الحرام اثنى عشر ميلا من كلّ جانب.
والأظهر الأوّل ، ويدلّ عليه صحيحة زرارة (١) عن أبي جعفر عليهالسلام قلت له قول الله عزوجل (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) فقال يعني أهل مكّة ليس لهم متعة ، كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكّة ، فهو ممّن دخل في هذه الآية ، وكلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة.
قال في القاموس عسفان كعثمان موضع على مرحلتين من مكّة ، وذات عرق بالبادية ميقات أهلها ميقات العراقين وظاهر أنّ المرحلتين أكثر من اثني عشر ميلا ، فبطل ذلك القول.
وقد اعترف المحقّق في المعتبر والشّهيد في الدروس بأنّهما لم يقفا للشيخ في اعتبار الاثنى عشر ميلا على مستند ، قال العلّامة في المختلف : وكأنّ الشيخ نظر إلى أنّ الثمانية والأربعين المذكورة في الرّواية موزّعة على الأربع جهات ، وحينئذ فيختصّ كلّ واحد من الجوانب باثني عشر ميلا وهو بعيد عن ظاهر الرّواية ، ومقتضى الآية عدم إجزاء التمتّع عن أهل مكّة ومن تابعهم إلّا أنّه مخصوص ، بالنّسبة إلى الفرض المتعيّن على المكلّف ابتداء وإلّا فالحجّ المندوب يصحّ عنهم تمتّعا ، ويترتّب عليه الثواب لهم ، ويصحّ من غيرهم قرانا وإفرادا أيضا على ما دلّت عليه الأخبار
__________________
(١) التهذيب ج ٥ ص ٣٣ الرقم ٩٨ والاستبصار ج ٢ ص ١٥٧ الرقم ٥١٦ وهو في المنتقى ج ٢ ص ٣٣٢ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ٧٥ والوسائل الباب ٦ من أبواب أقسام الحج الحديث ٣ ج ٢ ص ١٦٧ ط الأميري.