العمرة في الحج هكذا ، وشبّك بين أصابعه ، وعلى هذا أصحابنا ، واكتفى بعض العامّة بوقوع شيء منها في الأشهر ، واعتبر آخرون أكثر أفعالها فيها ، وهو ضعيف ، ومقتضى ما ذكرنا أنّه لو أحرم بعمرة التمتّع في غير الأشهر ، كانت عمرته باطلة ، لما عرفت وذهب بعض أصحابنا إلى الصحّة ، ووقوعها عمرة مفردة ، لا يتمتّع بها ، وهو ضعيف بما تقدّم.
(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) فمن أوجبه على نفسه بالإحرام فيهنّ ، والإحرام يتحقّق بالتلبية في جميع أنواع الحجّ عند جميع أصحابنا ووافقهم عليه أبو حنيفة حيث جعل التلبية [أو سوق الهدي] شرطا في انعقاد الإحرام وخالف في ذلك الشّافعيّ وحكم بانعقاد الإحرام بمجرّد النيّة من غير حاجة إلى التلبية ، وأنّها سنّة عند النيّة ، وإليه يذهب مالك وأحمد.
قالوا ظاهر الآية يدلّ على ذلك ، فانّ فرض الحجّ أدلّ على النيّة منه على التلبية أو سوق الهدي ، وفرض الحجّ موجب لانعقاد الحجّ بدليل قوله (فَلا رَفَثَ) إلخ فوجب أن تكون النيّة كافية في انعقاد الإحرام وفيه نظر لأنّا لا نسلّم دلالة الآية على ما ذكروه بل إلى ما ذكرناه أقرب إذ الظاهر من الفرض الالتزام ، وهو إنّما يتحقّق بشيء خارج عن النيّة وقد تظافرت الأخبار بكونه التلبية.
وكما يتحقّق فرض الإحرام بالتلبية يتحقّق بالإشعار والتقليد أيضا في القران كما دلّ عليه صحيحة (١) معاوية بن عمّار عنه عليهالسلام (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) والفرض
__________________
(١) الحديث كما في الكافي باب أشهر الحج الحديث ٢ ج ١ ص ٢٤٥ عن معاوية بن عمار عن أبى عبد الله عليهالسلام في قول الله عزوجل (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ) والفرض التلبية والاشعار والتقليد ، فأي ذلك فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله عزوجل (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة.
ونقله عنه في الوافي ج ٨ ص ٦٩ ومثله ما في العياشي ج ١ ص ٩٤ بالرقم ٢٥٤ عن معاوية ابن عمار عن ابى عبد الله وهو في البحار ج ٢١ ص ٣٠ والبرهان ج ١ ص ٢٠٠ والوسائل الباب ١١ من أبواب أقسام الحج ص ١٦٩ ج ٢ ط الأميري.