الأوّل مرويّ عن أئمّتنا عليهمالسلام أيضا ولا يبعد الحمل على ما يعمّ الأمرين.
(فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) دفعتم عنها بعد الاجتماع فيها ، من أفاض الماء إذا صبّه بكثرة وأصله أفضتم أنفسكم حذف مفعوله لمعلوميّته كما حذف في قولك دفعت من البصرة ، وعرفات جمع عرفة وبها سمّيت البقعة المعروفة الّتي يجب فيها الوقوف في الحجّ كما سمّيت بمفردها ، وإنّما نوّنت مع كونها غير منصرفة للعلميّة والتأنيث ، لأنّ التّنوين الممنوع من غير المنصرف هو تنوين التمكّن ، وهذا تنوين المقابلة (١) إذ هو بإزاء نون الجمع في مسلمون ، ومن ثمّ لو سمّيت امرأة بمسلمون لم يحذف هذه النون ويجوز حذف التنوين من عرفات تشبيها بالواحد ، إلّا أنّه لا يكون إلّا مكسورا ، (٢)
__________________
(١) وأنكر المحقق الرضى في شرح الكافية كونه تنوين المقابلة وجعل تنوينه تنوين الصرف والمقابلة واستشهد برواية الوجهين الآخرين في أذرعات في بيت امرئ القيس الاتى فتح التاء وكسرها غير منونة فإنه عليهما للصرف بلا خلاف انظر ج ١ ص ١٤ ط محرم افندى.
(٢) هذا هو تجويز جماعة منهم المبرد والزجاج ومنشأ ذلك عندهم ملاحظة حالتين يقتضي كل منهما الإخلال بالأخرى فأعطوه من كل حالة شبها حتى لا يكونوا قد نظروا إلى ناحية من نواحيه دون الأخرى.
وبيان هذا الوجه أنه من جهة كونه جمعا مؤنثا بحسب لفظه يستلزم الكسر والتنوين فلاحظوا لفظه وأعطوه الكسر ولاحظوا معناه فأعطوه حذف التنوين.
وهنا وجه ثالث روى به أذرعات في بيت امرئ القيس على ما نقله فطاحل الأدب وهو فتح التاء غير منونة كسائر ما لا ينصرف ولم يذكره المصنف لعدم ارتضائه ومثله في المجمع ج ١ ص ٢٩٥ قال وأما فتح التاء فخطأ قال ابن عصفور في شرح الجمل على ما نقل عنه : ونازع في ذلك المبرد محتجا بأن التاء للجمع فهي كالواو والياء فلا ينبغي أن يمنع الصرف وانما الوجه أن يعرب بالضمة والكسرة كما كان ويزول عنه التنوين لزوال المقابلة لزوال الجمعية.
قلت وعليه فلا وجه حينئذ لنصبه بالكسرة ولا لعدم تنوينه.
واختار سيبويه وابن جنى وجماعة جواز هذا الوجه قال ابن جنى في سر الصناعة على ما حكى عنه البغدادي : واعلم ان من العرب من يشبه التاء في مسلمات معرفة بتاء التأنيث في طلحة ـ