كما يكبّر في العشر محمول على أنّ المراد أنّه يكبّر بعد المغرب والعشاء ليلة عيد الفطر وعقيب الصّبح وصلاة العيد كما يكبّر في عيد الأضحى ويكون المراد بالعشر اليوم العاشر وما بعده فتأمّل فيه.
(فَمَنْ تَعَجَّلَ) فمن استعجل النفر (فِي يَوْمَيْنِ) يوم النفر والّذي بعده ، والمراد أنّ من نفر في ثاني أيّام التشريق (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) باستعجاله (وَمَنْ تَأَخَّرَ) في النّفر إلى اليوم الثّالث من أيّام التشريق وهو يوم الصّدر (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) لأنّ سيّئاته صارت مكفّرة بما كان من حجّته المبرورة ، أو لا إثم عليه بالتأخير.
قال العلّامة في المنتهى واختلف في قوله تعالى (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) مع أنّ التأخير فضيلة لأنّه يأتي بالنّسك كاملا فكيف ورد في حقّه فلا إثم عليه؟ وذلك إنّما يقال في حقّ المقصّر الّذي يظنّ أنّه قد رهقه أثام فيما أقدم عليه فحكي عن ابن مسعود (١) أنّه قال (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أى كفّرت سيّئاته وكذلك من تأخّر ، وقيل لا إثم عليه بالتعجيل ، وقوله (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) مزاوجة في الكلام. وقيل إنّ ذلك ورد على سبب فانّ قوما قالوا لا يجوز التّعجيل ، ولم يقولوا لا يجوز التأخير ، فوردت الآية على ذلك.
ثمّ قال : أقول : ويحتمل أن يكون المراد بذلك دفع الوهم الحاصل من دليل الخطاب يعني لا يتوهّم أحد أنّ تخصيص التعجيل بنفي الإثم يستلزم حصوله بالتأخير وقد أشار الصّادق عليهالسلام إلى ذلك حيث قال في حديث (٢) فانّ الله تعالى يقول (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فلو سكت لم يبق أحد إلّا تعجّل ، ولكنّه قال (وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) الآية.
وظاهر الآية يقتضي التخيير للحاجّ مطلقا لعموم «من» في الموضعين وقوله (لِمَنِ اتَّقى) معناه على ما قاله في الكشاف أنّ ذلك التخيير ونفي الإثم عن المتعجّل والمتأخّر
__________________
(١) انظر الدرر المنثور ج ١ ص ٢٣٦.
(٢) في رواية أبي أيوب الاتية.