لأجل الحاجّ المتّقى لئلّا يتخالج في قلبه شيء منهما فيحسب أنّ أحدهما يرهق صاحبه آثام في الإقدام عليه ، لانّ ذا التقوى حذر متحذّر من كلّ ما يريبه ، ولانّه الحاجّ على الحقيقة عند الله.
ويؤيّده ما رواه ابن بابويه في الفقيه (١) مرسلا عن الصّادق عليهالسلام أنّه سئل عن قول الله عزوجل (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) ذاك ليتبين هو على أنّ ذلك واسع إن شاء صنع ذا ، وإن شاء صنع ذا ، لكنّه يرجع مغفورا لا إثم عليه ولا ذنب له.
واحتمل أكثر المفسّرين أن يكون (لِمَنِ اتَّقى) متعلّقا بجميع الأحكام المذكورة في الحجّ وغيرها ، يعنى أنّ الأحكام للمتّقي ، لأنه المنتفع بها ، فعلى هذا لا يكون التخيير المذكور مقيدا بالاتّقاء ، ويؤيّده أنّ الأصل عدم التقييد ، وعدم الشرط في الآية وأصالة عدم وجوب الصبر إلى النفر الثاني ، ومن هنا حكم العامة بأجمعهم بعموم التخيير لجميع أفراد الحاجّ.
لكن أصحابنا جعلوا الاتقاء قيدا للعموم المستفاد من قوله (فَمَنْ تَعَجَّلَ) وحكموا بأنّ التعجيل جائز لمن اتّقى النّساء والصّيد مستدلّين بما رواه محمّد بن المستنير (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال من أتى النّساء في إحرامه لم يكن له أن ينفر في النّفر الأوّل وفي الكافي في رواية أخرى الصّيد أيضا ورواه حمّاد بن (٣) عثمان عن أبي عبد الله عليهالسلام
__________________
(١) الفقيه ج ٢ ص ٢٨٩ الرقم ١٤٢٧ وفيه : قال : ليس هو إلخ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٨٨ والوسائل الباب ٩ من أبواب العود إلى منى الحديث ٩ ج ٢ ص ٣٧٢ ط الأميري.
(٢) الكافي باب النفر من منى الأول والأخر الحديث ١١ ج ١ ص ٣٠٨ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٤٩ وفيه انه مجهول وآخره مرسل ورواه في التهذيب ج ٥ ص ٢٧٣ بالرقم ٩٣٢ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٨٧ والوسائل الباب ١١ من أبواب العود إلى منى الحديث ١ ص ٣٧٣ ج ٢ ط الأميري.
(٣) التهذيب ج ٥ ص ٢٧٣ الرقم ٩٣٣ وهو في الوافي الجزء الثامن ص ١٨٧ والوسائل الباب ١١ من أبواب العود إلى منى الحديث ٢ ص ٣٧٣ ط الأميري. ـ