وفيه حثّ على ملازمة التقوى فيما بقي من عمره ، وتنبيه على مجانبة الاغترار بالحج السابق.
(وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) للجزاء بعد الإعادة من قبوركم ، وأصل الحشر الجمع وضمّ المتفرّق ، والمحشر المكان الّذي يجتمعون فيه ، وفي الآية ترهيب من فعل المعاصي وترغيب في الطاعات وقد مرّ نظيرها مرارا.
السابعة : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ) (١) (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ) علمان للجبلين المعروفين بمكّة قريبان من المسجد الحرام وهما الآن ركنان معروفتان هناك ، والصفا في اللّغة صخرة ملساء وعن الأصمعيّ المروة أحجار بيض برّاقة يقدح منها النار ، الواحدة مروة.
(مِنْ شَعائِرِ اللهِ) جمع شعيرة وهي العلامة أي من أعلام مناسكه ومتعبّداته.
(فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ) قصده لأداء المناسك المعلومة (أَوِ اعْتَمَرَ) زار البيت للعمل المخصوص أخذا من الاعتمار وهو الزّيارة (فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) أصل الطواف الدوران حول الشيء ، وليس بمراد هنا بل المراد السعي بينهما (٢).
ولعلّ نفي الجناح في الآية لا ينافي الوجوب لما قيل إنّ إساف كان على الصفا ونائلة على المروة وهما صنمان يروى (٣) أنّهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فوضعا عليهما ليعتبر بهما ، فلما طالت المدّة عبدا من دون الله فكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما فلمّا جاء الإسلام وكسرت الأصنام تحرّج المسلمون الطواف بينهما لذلك فنزلت.
__________________
(١) البقرة : ١٥٨.
(٢) وفي سن : وقد يطلق على التردد بين الشيئين ويعبر عنه بالسعي وهو المراد.
(٣) انظر شرح النووي على صحيح مسلم ج ٩ ص ٢٢ وليس مسخ الزانيين مأثورا عن المعصوم وانما هو حكاية عن بعض فلا تغفل.