(وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) عطف على مدخول العلم ، ولذلك فتح «أنّ» لأنّها مفعول وقد مرّ تفسير مثله.
الثانية : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) قد مرّ وجه تخصيصهم بالخطاب (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) أي من حلاله أو من جيّده وخياره ، فإنّ الصدقة بالمحبوب أفضل الصدقات لقوله تعالى (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٢) ومن فيه تبعضيّة لأنّ المراد بالإنفاق للبعض (٣) واحتمل بعضهم كونها ابتدائيّة وما مصدريّة بتأويل المفعول أي مكسوبا لكم.
(وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) معطوف على سابقه بحذف المضاف ، أى ومن طيّبات ما أخرجنا من الحبوب والثمار والمعادن والكنوز ونحوها ، ثمّ إنّه تعالى أكّد الأمر بإنفاق الطيّب بقوله (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ) أي لا تقصدوا الرديّ أو الحرام من المال (تُنْفِقُونَ) حال مقدّرة عن فاعل «تيمّموا» أي لا تقصدوا الخبيث من المال حال كونكم مقدّرين الإنفاق منه ويجوز أن يتعلّق «منه» به والضمير يرجع إلى الخبيث فيكون حالا عنه.
(وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ) أي وحالكم أنّكم لا تأخذونه في حقوقكم لرداءته (إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) أي إلّا وقت إغماضكم وتسامحكم في أخذه أو إلّا لإغماضكم ، فالاغماض مجاز عن المسامحة ، من أغمض بصره إذا غمضه ، فكما أنّه إذا كانت العين مغمضة يؤخذ
__________________
(١) البقرة : ٢٦٧.
(٢) آل عمران : ١٩٢.
(٣) في سن : لان المراد الإنفاق من البعض.