يوما ، فان فضل مالا يبلغ طعام مسكين صام عنه يوما أو تصدّق به ، وأيّدوا ذلك بقوله (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) فإنّه ظاهر في القيمة إذ التقويم ممّا يحتاج إلى النظر والاجتهاد بخلاف المماثلة الخلقيّة فإنّها ظاهرة للحسّ لا يحتاج إلى حكم العدل به.
وفيه نظر ، فإنّ الأنواع قد تشتبه وتتشابه كثيرا ويماثل بعضها بعضا ، فيحتاج التمييز إلى حكم العدل ، ولأنّه قد يقتل صيدا ولا يعلم مثله لعدم العلم به ، فيحتاج إلى حكم العدل ، ليحصل العلم به ، على أنّه يلزم التخيير بين الأمرين فقط على تقدير عدم بلوغ قيمة ما قتل هديا كما قاله ولانّه لا يكاد يوجد نعم يكون قيمته قيمة الصّيد المقتول بل هو نادر جدا ، ولأنّه على قراءة رفع المثل يقتضي أن يكون الجزاء مماثلا للصّيد من النّعم. ولو كان القيمة ، لم يكن مماثلا. بل الجزاء قيمة يشترى بها مماثل ، وفرق بين الأمرين ، وعلى قراءة الإضافة يكون من النّعم بيانا للمثل فرجع إلى ذلك أيضا.
وما ادّعاه في الكشاف (١) من أنّ التخيير الّذي في الآية بين أن يجزي بالهدي أو يكفّر بالإطعام أو الصّوم ، إنّما يستقيم استقامة ظاهرة بغير تعسّف إذا قوّم ونظر بعد التقويم أىّ الثلثة يختار فأمّا إذا عمد إلى النظير وجعله الواجب وجده من غير تخيير ، فإذا كان شيئا لا نظير له قوّم حينئذ ثمّ تخيّر بين الإطعام والصّوم ، ففيه بنو عمّا في الآية ، ألا ترى إلى قوله (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) كيف خيّر بين الأشياء الثلثة ولا سبيل إلى ذلك إلّا بالتقويم.
غير مسلّم لما قلناه ، على أنّا نقول : إنّ القيمة لا نسمّيها مثلا فيما لا مثل له والشافعيّة إنّما أوجبوها من حيث إنّه إذا لم يكن له مثل يبقى الواجب الأمر ان الآخران ، ولا بدّ فيهما من اعتبار القيمة ، وعلى قولنا التخيير بين الثلاثة إنّما هو فيما له مثل من النّعم ، أمّا مالا مثل له فهو موكول إلى الأخبار الواردة عن الأئمّة الأطهار عليهمالسلام حيث بيّنوا فيها ما يجب فيه من الجزاء وما لم يبيّن منها يجب فيه القيمة
__________________
(١) انظر الكشاف ج ١ ص ٦٧٨ ط دار الكتاب العربي.