فتكون نعمة ومصلحة فالجواب أنّ الله سبحانه شدّد عليه التكليف بعد أن عصاه ، فثقل ذلك عليه كما حرّم الشحم على بني إسرائيل لمّا اعتدوا في السبت ، فثقل ذلك عليهم وإن كان مصلحة لهم انتهى ، ويمكن أن يقال : الأمور الثلاثة اثنان منها نقص في المال فيثقل على الطّبع ، والثّالث وهو الصّوم ثقيل على البدن أيضا فكلّ منها نوع عقوبة ولعلّ مراد مجمع البيان ذلك فتأمّل.
(عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ) لكم من الصّيد في الجاهلية أو قبل تحريمه عليكم أو في هذه المرة الّتي وقعت منكم [عمدا] (وَمَنْ عادَ) إلى مثل ذلك ثانيا (فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ) فهو ينتقم الله منه وذلك ليصحّ دخول الفاء فانّ الجزاء إذا كان مضارعا ارتبط بنفسه ولم يحتج إلى الفاء.
وقد استدلّ به جماعة من الأصحاب على عدم الكفّارة بالمعاودة إلى قتل الصّيد فإنّه تعالى جعل جزاء العود إلى قتل الصّيد الانتقام بعد أن جعل جزاء ابتدائه الفدية فاقتضى ذلك عدم وجوبها مع العود بمقتضى المقابلة إذ الخطاب في أوّل الآية مع من لم يقتل الصّيد بعد ، فيكون مفادها أنّ من قتل الصّيد عمدا ممّن لم يقتله بعد (١) فالواجب عليه الجزاء ، ومن عاد إلى القتل بعد مرّة سابقه فهو ممّن ينتقم الله منه ، فيكون في منطوقها دلالة على لزوم الانتقام مع العود ولم يثبت بدليل آخر ما يقتضي الزيادة على ذلك ، فيقتصر عليه عملا بأصالة البراءة ، ولأنّ التّفصيل في الآية قاطع للشركة.
ويؤيّده ما رواه الحلبي في الصّحيح (٢) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال المحرم إذا
__________________
(١) في سن : لم يقتله قبل.
(٢) انظر التهذيب ج ٥ ص ٣٧٢ الرقم ١٢٩٧ وص ٤٦٧ الرقم ١٦٣٣ والاستبصار ج ٢ ص ٢١١ الرقم ٧٢٠ والكافي باب المحرم يصيب الصيد مرارا الحديث ٢ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣١٦ وحكاه في المنتقى ج ٢ ص ٤١٨ وقلائد الدرر ج ٢ ص ١٠٦ والوافي الجزء الثامن ص ١١٤ والوسائل الباب ٣٨ من أبواب كفارات الصيد الحديث ١ ج ٢ ص ٢٨١ ط الأميري وقريب منه ما في تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤٦ الرقم ٢٠٧ وحكاه عنه في البحار ج ٢١ ص ٣٦ والبرهان ج ١ ص ٥٠٤.