كتاب الجهاد
والآيات المتعلّقة به على أنواع.
(الأول في وجوبه)
وفيه آيات :
الاولى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (١).
(كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ) فرض عليكم الجهاد في سبيل الله.
كان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم غير مأذون في القتال ، مدّة إقامته بمكّة فلمّا هاجر أذن له في قتال من يقاتله من المشركين ثمّ أذن في قتال المشركين عامّة.
(وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ) شاق عليكم تكرهونه كراهة طباع من حيث إنّ الإنسان خلق على أن يحبّ السّهولة والحياة والأمور المستلذّة ، وفرض الجهاد ينافي ذلك ، أو المعنى أنّه كره لكم قبل الأمر والتكليف به ، لأنّ المؤمن لا يكره ما كتب الله وفرضه عليه ، فانّ ذلك ينافي الإسلام ، والمعنى أنّه شاقّ على النّفس ، وهكذا سائر التكاليف وكيف لا ، والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقّة وإنّها في القتال أكثر لأنّ الحياة أعظم ما يميل إليه الطّباع ، فبذلها ليس بهيّن ، وهو مصدر وقع خبرا للمبالغة ، أو أنّه فعل بمعنى مفعول كالخبز ، أو بمعنى الإكراه مجازا كأنّهم أكرهوا عليه لشدّته وعظم مشقّته كقوله (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) (٢).
(وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً) في الحال بالنّظر إلى مقتضى الطّبع (وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
__________________
(١) البقرة : ٢١٦.
(٢) الأحقاف : ١٥.