أعمّ من الواجب والمستحبّ (ذلِكَ خَيْرٌ) أي إعطاء الحقوق مستحقّها خير (لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) ذاته وجهته ، بمعنى أنّهم يقصدون بمعروفهم إيّاه خالصا أو جهة التقرّب إلى الله لا لجهة أخرى (أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الفائزون بثواب الله يوم القيامة.
(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) زيادة محرّمة في المعاملة (لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) ليزيد في أموالهم (فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) بل هو محض الإثم (وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) تبتغون به وجهه خالصا (فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) ذو الاضعاف من الثواب لا من المقدار ، إذ ليس المراد أنّ من أعطى رغيفا (١) أنّ الله يعطيه عشرة وإنّما المراد أنّ الرغيف (٢) الواحد إذا اقتضى أن يكون قصرا في الجنّة ، فإنّ الله تعالى يعطيه عشرة قصور ، وعلى هذا فيكون المراد الربا المحرّم ونظيره قوله تعالى (يَمْحَقُ اللهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ) (٣).
ويحتمل أن يراد بالربا في الآية الزيادة الغير المحرّمة ، وهو أن يعطى الرجل العطيّة أو يهدي الهدية ليعوّض أكثر ممّا وهب ، فبيّن الله تعالى أنّ ذلك لا يوجب الثواب عند الله وإن كان مباحا ، فليس له أجر ولا عليه وزر. ورواه الكلينيّ في الحسن عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ (٤) عن أبى عبد الله عليهالسلام قال الربا رباء ان ربا يؤكل وربا لا يؤكل : فأمّا الّذي يؤكل فهديّتك إلى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها ، فذلك الربا الّذي يؤكل ، وهو قول الله عزوجل (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) وأمّا الّذي لا يؤكل فهو الّذي نهى الله عنه وأوعد عليه النار.
__________________
(١) درهما ، خ.
(٢) الدرهم الواحد ، خ.
(٣) البقرة : ٢٧٦.
(٤) انظر فروع الكافي ج ١ ص ٣٦٩ باب الربا الحديث ٦ وهو في المرآة ج ٣ ص ٣٩٩ ورواه أيضا في التهذيب ج ٧ ص ١٧ الرقم ٧٣ وفي التهذيب أيضا ج ٧ ص ١٥ بالرقم ٦٧ عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر عن أبى عبد الله (ع) في قوله تعالى (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) قال هو هديتك الى الرجل تطلب منه الثواب أفضل منها فذلك يؤكل وهو في الفقيه ج ٣ ص ١٧٤ الرقم ٧٨٥.