واستدلّ بعض الفقهاء بظاهر الآية على أنّ الغازي إذا مات في الطريق وجب سهمه في الغنيمة كما وجب أجره ، وفيه أنّ استحقاق السّهم من الغنيمة يتوقّف على حيازتها بخلاف الأجر.
السابعة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (١).
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على الدّين ومشاقّ الطّاعات ، وما يصيبكم من الشدائد (وَصابِرُوا) وغالبوا أعداء الله في الصبر على شدائد الحرب ، لا تكونوا أقلّ صبرا وثباتا منهم ، والمصابرة باب من الصبر ذكره بعده تخصيصا لشدّته وصعوبته (وَرابِطُوا) وأقيموا في الثغور رابطين خيلكم فيها مترصّدين مستعدّين للغزو ، وأصل الرّباط ارتباط الخيل للعدوّ قال الله تعالى (وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) (٢) وفي الشّرع معناه الإقامة عند الثغر لحفظ المسلمين ، وإن لم يكن له خيل ، وفيها دلالة على الحثّ على المرابطة في الثغور كما قاله الفقهاء وحكموا بأنّ فيه فضلا كثيرا وثوابا جزيلا.
وفي الحديث عنه (٣) صلىاللهعليهوآلهوسلم : من رابط يوما وليلة في سبيل الله كان كعدل صيام شهر وقيامه لا يفطر ولا ينفتل عن صلوته إلّا لحاجة ، وروى (٤) سلمان قال : سمعت
__________________
(١) آل عمران : ٢٠٠.
(٢) الأنفال : ٦٢.
(٣) انظر مضمون الحديث في الدر المنثور ج ٢ ص ١١٤ وكنز العمال ج ٤ من ص ١٩٥ الى ص ٢٠١ ومستدرك الوسائل ج ٢ ص ٢٤٦ ولفظ المصنف في الكشاف عند تفسير آخر سورة آل عمران ، وفي النسائي ج ٦ ص ٣٩ والبيهقي ج ٩ ص ٣٨ والمستدرك للحاكم ج ٢ ص ٨٠ وأقره الذهبي أيضا في التلخيص ونقله هكذا أيضا في مستدرك الوسائل عن غوالي اللآلي.
(٤) الدر المنثور ج ٢ ص ١١٤ أخرجه عن احمد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني والبيهقي عن سلمان.