النوع الرابع
(في قتال أهل البغي)
وفيه آية واحدة وهي :
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) (١).
(وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا) الجمع والتذكير من حيث المعنى لأنّ الطائفتين في معنى القوم والنّاس (فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما) بالنصيحة والطلب إلى حكم الله وشريعة رسوله ، ومقتضى الأمر وجوب البدء بالإصلاح قبل البدء بالقتال فلا يجب إلّا بعد البعث إليهم ، والسؤال عن سبب خروجهم ، وإيضاح ما عرض لهم من الشبهة.
وقد جرى ذلك من عليّ عليهالسلام (٢) لما أراد قتال الخوارج حيث بعث إليهم ابن عبّاس وبيّن لهم الجواب عن الشبهة الّتي كانت معهم فرجع منهم قوم وبقي على البغي آخرون ، فقاتلهم حتّى قتلهم.
وقد يستفاد من ذلك أنّهم لو خرجوا من غير شبهة لم يكن حكمهم ذلك وقد حكم أصحابنا بأنّهم لو كانوا كذلك فهم قطّاع الطّريق وحكمهم حكم المحاربين.
(فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى) تعدّت عليها وطلبت ما لا يجوز لها (فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي) وتعتدي بالظلم (حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ) حتّى ترجع إلى طاعته ، وتتوب عن المعصية الّتي صدرت عنها ، وفي الآية دلالة على أنّ غاية وجوب القتال هو الرّجوع إلى الطاعة بتوبة أو غيرها ، ومقتضى ذلك التحريم بعدها ، وهو كذلك إجماعا
__________________
(١) الحجرات : ١٠.
(٢) انظر التفصيل في البحار ج ٨ من ص ٦٠٠ الى ص ٦١٩ ط كمپانى.