والحياء منه ، أو ذكروه بالثناء والتعظيم ، فانّ من دأب المسئلة والدّعاء تقديم التعظيم.
(فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ) فتابوا عنها بأن ندموا على ما وقع منهم من القبيح ، وعزموا على أن لا يعودوا إليه ، فأمّا الاستغفار بمجرّد اللّسان فلا أثر له في إزالة الذنب ، وإنّما يجب إظهار هذا الاستغفار لازالة التهمة ، ولإظهار كونه منقطعا إلى الله تعالى.
(وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) استفهام بمعنى النفي ، بيّن فيه وصف ذاته بسعة الرّحمة ، وعموم المغفرة ، وأنّه لا مفزع للمذنبين سواه ، وترغيب للعاصين في التوبة وطلب المغفرة.
وإسقاط العقاب بالتوبة عندنا تفضّل منه سبحانه وتعالى ، لا أنّه واجب عقليّ كما هو الظاهر من الكشاف ، حيث استدلّ عليه بأنّ العبد إذا جاء في الاعتذار والتفضّل بأقصى ما يقدر عليه وجب العفو والتجاوز ، فانّ ذلك في محلّ المنع ، إذ العقل لا يقبّح الانتقام والانتصاف بل ذلك محض العدل كما أشار إليه المحقّق الطوسيّ في التجريد.
وقد أجمع أصحابنا الإماميّة على عدم وجوب سقوطه عقلا ، نعم هو ساقط نقلا بمقتضى وعده ، وقد نقله الطبرسيّ في مواضع من مجمع البيان ، نعم استحقاق الثواب بالتوبة واجب عقلا ، لأنّه لو لم يكن مستحقّا بالتوبة لقبح تكليفه بها ، لما فيها من المشقّة ، وقد بسطنا الكلام في مواضع من كتابنا هذا.
والجملة وقعت معترضة بين المعطوف عليه والمعطوف وهو قوله (وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا) ولم يقيموا على ذنوبهم وهو من تتمّة التوبة ، فإنّ مجرّد الاستغفار مع الإصرار لا يكفى فيها ، وإنّما يؤثر عند ترك الإصرار.
وقد روى (١) عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٥٠٦ وعنه نور الثقلين ج ١ ص ٣٢٧ بالرقم ٤٧٢ ومثله الحديث عن أبى عبد الله رواه في أصول الكافي باب الإصرار على الذنوب الحديث ١ وهو في المرآة ج ٢ ص ٢٦٦ وللمجلسي قدسسره عليه شرح مبسوط فراجع. ـ