أما اعتبار العدالة في المستحقّ فقد ذهب إليه جماعة نظرا إلى أنّ الدفع معونة والأدلّة قائمة على المنع من معونة الفاسق ، وما رواه داود الصرميّ (١) قال : سألته عن شارب الخمر يعطى من الزكاة شيئا؟ قال : لا ، ولا قائل بالفرق ، وقد ادّعى السيّد المرتضى الإجماع على اعتبار العدالة ، وقيل إنّ المعتبر تجنّب الكبائر دون غيرها من الذنوب وإن أوجبت فسقا لأنّ النصّ ورد على منع شارب الخمر وهو من الكبائر ، ولم يدلّ على منع الفاسق مطلقا ، والحق به غيره من الكبائر للمساواة.
وهذا دليل من اعتبر في الاستحقاق مجانبة الكبائر فقط كما هو اختيار جماعة من علمائنا وفيه نظر (٢) فإنّ معونة الفاسق من حيث الفسق ممنوعة لا من حيث كونه محتاجا ولا نسلّم المنع على ذلك التقدير ، على أنّ تقليل التخصيص في الآية أولى إذ هو خلاف الأصل ، ورواية داود ضعيفة مع كونها مقطوعة.
ويقال على الدليل الثاني إنّ المساواة ممنوعة والقياس باطل والصغائر إن أصرّ عليها لحقت بالكبائر ، وإلّا لم يوجب الفسق والمروّة غير معتبرة هنا على ما صرّح به جماعة ، فلزم من اشتراط اجتناب الكبائر اشتراط العدالة ، ولا دليل على اشتراطها والإجماع الّذي ادّعاه المرتضى ممنوع ، على أنّها لو اعتبرت لزم منع الطفل لتعذّرها منه وتعذّر الشرط غير كاف في سقوطه وخروجه بالإجماع موضع تأمّل ، وكيف كان ، فلا شكّ أنّ اعتبار العدالة أولى إن أمكن تخلّصا من الخلاف ، ولأنّ العدل أشرف من الفاسق وأولى بالمعونة ، نعم الظاهر اعتبارها في العامل ليحصل الوثوق بخبره ، وقد ادّعى الشهيد على ذلك الإجماع.
السادسة : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ
__________________
(١) التهذيب ج ٤ ص ٥٢ الرقم ١٣٨ والكافي ج ١ ص ١٦٠.
(٢) في سن : وفي الدليلين بحث أما الأول فإنا لا نسلم المنع من معونة الفاسق مطلقا والأدلة إنما دلت على المنع من معونة الفاسق من حيث الفسق لا من حيث كونه محتاجا فيجوز الدفع اليه من هذه الجهة ، على أن تقليل التخصيص إلخ.