(لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً) : إلحاحا ، وهو أن يلازم المسؤول حتّى يعطيه من قولهم لحفنى من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده ، والمراد أنّهم لا يسألون وإن سألوا عن ضرورة لم يلحّوا في سؤالهم ، ويحتمل أن يكون المراد نفي أصل السؤال ونقله في مجمع البيان عن أكثر أرباب المعاني قال : وفي الآية ما يدلّ عليه ، وهو قوله (يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ) في المسئلة ، ولو كانوا يسئلون لم يحسبهم الجاهل غنيّا لأنّ السؤال في الظاهر يدلّ على الفقر ، وقوله أيضا (تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ) ولو سألوا لعرفوا بالسؤال فهو كقولك ما رأيت مثله وأنت تريد أنّه ليس له مثل لا أنّ له مثلا ما رأيته ، وهذا هو الصحيح (١) وانتصابه على المصدر فإنّه كنوع من السؤال ، أو على الحال ، وفيها تحريض للفقراء وحثّ على أن يتّصفوا بهذه الصفات.
وفي الحديث (٢) أنّ الله يحبّ أن يرى أثر نعمته على عباده ، ويكره البؤس والبأس ويحبّ الحليم المتعفّف من عباده ، ويبغض الفاحش البذيّ السئّال الملحف. وقد تظافرت الأخبار بكراهة السؤال لغير الله روى محمّد بن مسلم (٣) عن الصادق عليهالسلام قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام اتّبعوا قول رسول الله صلىاللهعليهوآله : من فتح على نفسه باب مسئلة فتح الله عليه باب فقر وروى إبراهيم بن عثمان (٤) عن الصادق عليهالسلام قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
__________________
(١) زاد في سن : ويمكن بيانه بوجه آخر ، وهو أن كل من سأل فلا بد وأن يلح في بعض الأوقات ، لأنه بسؤاله أراق ماء وجهه وحمل الذل في إظهار السؤال فربما يقول لما تحملت هذه المشاق فلا أرجع بغير مقصودي. وهذا يحمله على الإلحاح. وإذا ثبت أن كل من سأل ، فلا بد وأن يقدم على الإلحاح في بعض الأوقات ، فإذا نفى تعالى عنهم الإلحاح مطلقا فقد نفى السؤال عنهم مطلقا.
(٢) انظر المجمع ج ١ ص ٣٨٧.
(٣) الكافي ج ١ ص ١٦٨ باب من سئل من غير حاجة الحديث ٢ والفقيه ج ٢ ص ٤٠ الرقم ١٨١.
(٤) الكافي ج ١ ص ١٦٨ باب كراهية المسئلة الحديث ٤.