(وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) فيزيد على سبعمائة لمن يشاء بفضله ، ومشيّته المتعلّقة ببعض دون بعض ، فإنّه فاعل لما يريد ، أو على حسب حال المنفق من إخلاصه واحتياجه أو حال المنفق عليه من اضطراره وصلاحه وقرابته وشرافته ، أو طريق الإنفاق من كونه سرّا لا يعلم فيه أحد ونحوه ، ومن أجله تفاوت الأعمال في مقادير الثواب.
(وَاللهُ واسِعٌ) لا يضيق بما يتفضّل به من الزيادة (عَلِيمٌ) بنيّة المنفق وقدر إنفاقه وحال المنفق عليه ، فيرتّب الثواب على ما يناسب حال كلّ واحد منها.
قيل : هي خاصّة بالإنفاق في الجهاد فأمّا غيره من الطاعات فإنّما يجزى بالواحدة عشرة أمثالها كما قال تعالى (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها) (١) فلا تنافي بينهما ، ويمكن الجمع بوجه آخر وهو أنّ المراد بيان ثواب الإنفاق في وجوه البرّ وآية العشرة في الطاعات غيرها ، ويمكن العمل بعموم كلّ منهما من غير تخصيص والاقتصار على العشرة في الأخرى لكونه أقلّ المراتب وهو الظاهر من قوله (يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) أي يزيد في ذلك.
السادسة : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (٢).
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذىً) المنّ (٣) ذكر ما ينقص المعروف كقول القائل أحسنت إلى فلان ونعشته ، أو لم أحسن
__________________
(١) الانعام : ١٦٠.
(٢) البقرة : ٢٦٢.
(٣) في سن : المن في اللغة تارة يطلق على الانعام يقال : قد من الله على فلان ، إذا أنعم عليه ولفلان على منة : أي نعمة ، ومن ثم يوصف الله تعالى بأنه منان ، أى منعم. وتارة يطلق على النقص من الحق والحبس له ، قال تعالى (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) أى غير مقطوع ولا ممنوع ، ومنه سمى الموت منونا لانه ينقص الأعمار ويقطع الاعذار ، ومن هذا المعنى المنة المذمومة ، لأنها منقص النعمة ومكدرها ، فالمراد بالمن هو إظهار الاصطناع ـ