وفي الحديث (١) عنه صلىاللهعليهوآله إذا كان يوم القيامة نادى مناد يسمع أهل الجمع : أين الّذين كانوا يعبدون الناس؟ قوموا خذوا أجرتكم ممّن عملتم له ، فانّى لا أقبل عملا خالطه شيء من الدنيا وأهلها.
وعن الصادق عليهالسلام (٢) قال قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : من أسدى إلى مؤمن معروفا ثمّ آذاه بالكلام أو منّ عليه ، فقد أبطل الله صدقته ، وضرب فيه مثلا (كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ) الآية (٣).
ثمّ إنّ ظاهر الآية يقتضي أنّ المنّ والأذى يبطل الأجر والثواب بالصدقة ، ولو في مستقبل الأوقات ، ونسبه في مجمع البيان إلى أهل الوعيد (٤).
وفيه إشكال من جهة أنّ الإنفاق إذا وقع على الوجه المعتبر حال حدوثه واستقرّ الثواب بفعله فإبطاله في الزمان المستقبل وزواله بأحدهما يحتاج إلى دليل واضح.
ولعلّ هذا القائل من المعتزلة القائلين بالإحباط والتكفير ، فإنّهم يحكمون بثبوت الأجر والثواب بتلك الصدقة ثمّ إنّ المنّ والأذى يزيلان الثواب بطريق الإحباط
__________________
(١) المجمع ج ١ ص ٣٧٧ عن ابن عباس عن النبي (ص).
(٢) المجمع ج ١ ص ٣٧٧ وروى عنه في نور الثقلين ج ١ ص ٢٣٦ بالرقم ١١١٣.
(٣) زاد في سن : وروى الكليني عن إسحاق بن عمار عن ابى عبد الله عليهالسلام قال : قال رسول الله ان الله كره لي ست خصال وكرهتها للأوصياء من ولدي واتباعهم من بعدي وعد منها المن بعد الصدقة.
راجع الكافي ج ١ ص ١٦٧ باب المن الحديث ١ ورواه بوجه أبسط في الفقيه عن النبي (ص) ج ٢ ص ٤١ بالرقم ١٨٧.
(٤) زاد في سن : وتقرير استدلالهم بها انهم قالوا : بين تعالى أن المن والأذى يبطلان الصدقة ومعلوم أن الصدقة قد وقعت وتقدمت فلا معنى لإبطالها ، فالمراد ابطال أجرها وثوابها ، لان الثواب لم يحصل بعد ، وانما يحصل في المستقبل ، فيصح إبطاله بما يتعقبه من المن والأذى ، كما أن الوابل أزال التراب الذي وقع على الصفوان ، وهو صريح في مذهب المعتزلة القائلين بالإحباط والتكفير ، فإنهم يحكمون بثبوت الأجر والثواب بتلك الصدقة إلخ.