إنّما نحمله على الجنس مع تعذّر الواحد ، فلو أمكن بوجه من الوجوه حملناه عليه وفيما نحن فيه ممكن دون ما عداه من المواضع ، فيحمل عليه.
على أنّ الأخبار قد دلّت على ذلك ، وقد بلغت حدّا لا يمكن التأويل فيه ومن ثمّ نقل الشيخ في ذلك إجماع الفرقة ، وكأنّه لم يعتدّ بخلاف هذا القائل ، نعم هو قول جماهير العامّة ، بل إنّهم أطبقوا على أنّ المراد بذي القربى قرابة الرسول من ولد هاشم وبعضهم أضاف إليه آل المطّلب.
وقال بعض الأصحاب : إنّما يقسم الخمس على خمسة أسهم : سهم لرسوله ، وبعده للإمام ، وسهم ذي القربى له ، والثلاثة الباقية لليتامى والمساكين وابن السبيل ، قالوا ومعنى (لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ) أنّ للرسول خمسه ، كقوله تعالى (وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ) (١) والمراد رسوله ، والافتتاح بذكر اسم الله تعالى على جهة التيمّن والتبرّك ، لأنّ الأشياء كلّها له عزوجل ، وأنّ من حقّ الخمس أن يكون متقرّبا به إلى الله عزوجل لا غير ، وأنّ قوله (وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى) إلخ بيان لأنّ مصرفه هؤلاء الأخصّين به.
ويدلّ على ذلك صحيحة ربعيّ بن عبد الله (٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه ، وكان ذلك له ، ثمّ يقسم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ثمّ يقسم الأربعة أخماس بين الناس الّذي قاتلوا عليه ثمّ يقسم الخمس الّذي أخذه خمسة أخماس يأخذ خمس الله عزوجل لنفسه ، ثمّ يقسم الأربعة الأخماس بين ذي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل يعطي كلّ واحد منهم حقّا وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى هذا يذهب جمهور العامّة.
واختلفوا في سهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد وفاته فقائل منهم أنّه يصرف في مصالح المسلمين كما فعله الشيخان بعده وقائل أنّه يسقط سهمه وسهم ذي القربى ، ويصير الكلّ مصروفا
__________________
(١) براءة : ٦٢.
(٢) التهذيب ج ٤ ص ١٢٨ الرقم ٣٦٥ والاستبصار ج ٢ ص ٥٦ الرقم ١٧٦ وهو في الوافي الجزء السادس ص ١٤٧ والمنتقى ج ٢ ص ١٤٧.