عن أحد الأمرين ، فغير واضح الوجه ، إذ حلّ عقدة شخص من غير رضاه غير جائز حتّى يثبت الدّليل الصّالح لتخصيص الأدلّة النقلية ، على انّ قوله (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ) ، صريح في أنّ وقوع الطّلاق ، إنّما يكون بإيقاع الزّوج وفي أنّ الزّوج لا بدّ أن يصدر عنه شيء يكون مسموعا وما ذاك إلّا إيقاع الطّلاق ، ولو قيل : انّ دليل الشّافعيّة قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار» ونحوه ، لقلنا : جعل مثله دليلا لمثل ذلك مع ثبوت التخيير بنصّ القرآن مشكل ، فتأمّل فيه.
واعلم أنّ الإيلاء في الحقيقة يمين ومن ثمّ كان مشاركا في أصل الحلف وعدم انعقاده بغير اسم الله تعالى المختصّ به أو الغالب ، وترتّب الكفّارة الخاصّة عليه ولكنّ الفرق بينهما من جهة جواز مخالفة الحلف في الإيلاء بل وجوبه على وجه مع الكفّارة بخلاف اليمين ، ومن جهة عدم اشتراط انعقاده مع تعلّقه بالمباح بأولويته دينا أو دنيا أو تساوى طرفيه بخلاف اليمين ، فإنّه يشترط فيها ذلك ، ومن جهة اشتراطه بالإضرار بالزّوجة على ما عرفت ولا كذا اليمين ، ومن جهة اشتراط الإيلاء بعقد دائم دون مطلق اليمين الى غير ذلك من الأحكام.
ويدلّ على اعتبار الدّوام في الإيلاء ظاهر قوله (فَإِنْ طَلَّقَها) لدلالته على الدّوام إذ النّكاح المؤجّل لا طلاق فيه ، وظاهر الآية يقتضي عدم الفرق في ثبوت حكم الإيلاء بين العبد والحرّة والحرّ والأمة في الانعقاد ومدّة التّربّص والتّخيير بين الأمرين.
وقالت الحنفيّة : تنتصف برقّ المرأة ، والمالكيّة تنتصف برقّ الرّجل كما قالا في الطّلاق ، وهو بعيد ، لانّ التّخصيص خلاف المطلوب ، ولانّ تقدير هذه المدّة انّما كان لأجل معنى يرجع الى الجبلّة والطّبع وهو قلّة الصبر على مفارقة الزّوج فيستوي فيه الحرّ والرّقيق كالحيض ومدة الرضاع ، وتمام ما يتعلّق بذلك يعلم من محلّه.