كتاب
المطاعم والمشارب
والايات المتعلقة بذلك على أقسام اما تدلّ على أصالة الإباحة في كلّ ما ينتفع به خاليا عن مفسدة وهو آيات.
الاولى : [البقرة : ٢٩] (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ذكر تعالى ذلك في معرض الامتنان على عباده ، بعد ان امتن عليهم بخلقهم أحياء قادرين مرة بعد اخرى ، على ما دلّت عليه الآية السابقة عليها.
والمعنى أن الأرض وجميع ما خلق فيها نعم من الله تعالى ، خلقها لكم ، اي لأجلكم وانتفاعكم إما في دنياكم باستنفاعكم بها في مصالح أبدانكم بواسطة أو بغير واسطة ، وإما في دينكم فبالاستدلال على الصانع القادر الحكيم ، والتعرف لما يلائمها من لذات الآخرة ، والتذكّر بثوابها وعقابها لاشتمالها على أسباب الأمن واللذة من فنون المطاعم والمشارب والمناكح والمراكب والمناظر الحسنة ، وعلى أسباب الوحشة من أنواع المكاره كالنيران والصواعق ونحوها.
والمراد أن الغرض من خلقها ذلك وهو يقتضي إباحة الأشياء النافعة وانها في الأكل مباح على الإطلاق لكل أحد أن يتناولها والامتنان بذلك إنما هو على ذلك التّقدير ولا يمتنع اختصاص بعضها لبعض الأسباب العارضة فإنّها تدلّ على أنّ الكلّ للكلّ لا أنّ كلّ واحد لكلّ.
ويحتمل الاستدلال بها على إباحة الأرض نفسها بان يراد بالأرض في الآية الجهات السفليّة دون الغبراء كما تذكر السّماء ويراد بها الجهات العلويّة فيدخل الأفلاك أيضا والمعنى انّه خلق لكم ما في الجهات السفليّة جميعا فيدخل الأرض وما فيها لكونها داخلة تحت ما العامّة على هذا التّقدير.