ولا يقربوا النّساء والطّيب ويرفضوا لذّات الدّنيا ، ويلبسوا المسوح اى الصّوف ، ويسيحوا في الأرض.
فبلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك فقال لهم : انّي لم اومر بذلك ، انّ لأنفسكم عليكم حقّا فصوموا وأفطروا وناموا وقوموا فانّى أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآكل اللّحم والدّسم وآتى النّساء فمن رغب عن سنّتي فليس منّى فنزلت الآية.
ويحتمل ان يكون الإضافة بيانيّة أي لا تحرّموا ما أحلّ الله. وبعد ما أسلفنا اندفع قول القاضي : انّه لو لم يقع الرّزق على الحرام لم يكن لذكر الحلال فائدة زائدة فانّا أوّلا نمنع كون كلّ ما يذكر له فائدة زائدة ولم لا يكفى بمجرّد الفائدة سلّمنا لكنّها هنا موجودة وهي الإشارة الى انّ ذلك حلال قد رزقكم الله فلا معني لتحريمه والاجتناب عنه كما بيّنا من كون القيد للكشف والبيان ويجوز أيضا أن يكون المراد بيان عدم معقوليّة الاجتناب وانّ ذلك الوصف هو الباعث لمذمّة التّارك المجتنب.
(وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) اى لا تتجاوزوا حدود الله بجعل الحلال حراما والحرام حلالا فانّ ذلك تجاوز عن حدوده واعتقاد مخالف للشريعة فيكون النهي عنه بتجاوز الحدود في اجتناب الحلال على طريق اعتقاد التّحريم أو المرجوحيّة ، وحينئذ فلا تنافي كون تركه للزّهد أو لوجه آخر راجح على العقل كعدم الكسل في العبادة وعدم قساوة القلب ، وإصلاح النّفس وتذليلها ، فإنّه ممّا لا قصور فيه بل هو مندوب اليه ومن ثمّ نقل عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم انّه ما أكل من الحنطة وما شبع من الشّعير ، وزهد أمير المؤمنين علىّ بن أبى طالب عليهالسلام قد بلغ الغاية.
وممّا يدلّ على أصالة إباحة ما ينتفع به قوله تعالى (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) اى كالمهد تمتهدونها فهي محلّ لراحتكم كالمهد للصّبيّ وهو مصدر سمّى به وقرئ مهادا اسم لما يمهد به كالفراش أو جمع مهد.
(وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) وجعل لكم فيها طرقا بين الجبال والأودية والبراري