الثالث
في أشياء من المباحات
وفيه آيات :
الاولى [المائدة : ٤].
(يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ) اى من المطاعم والمآكل بعد ما بين لهم المحرّمات لما حصل لهم من الشبهة في موضع يحتمل التحريم ولم يكتفوا بالبراءة الأصليّة بل طلبوا النصّ.
(قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ) ما لم تستخبثه الطبائع السليمة ولم تنفر عنه والظاهر انّ ذلك ممّا لم يدلّ دليل على تحريمه من عقل أو نقل فيكون مؤيّدا للحكم العقلي بالإباحة ويجتمع العقل والنّقل على اباحته ما لم يدلّ دليل على تحريمه وفهم منه حرمة المستخبثات المقابلة للطيّبات كما دلّ عليه بالمنطوق قوله : ويحرّم عليهم الخبائث.
(وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ) عطف على الطيّبات ان كانت ما موصولة على تقدير مضاف اى وصيد ما علمتم ، وجملة شرطيّة جوابها فكلوا ان كانت شرطيّة ، والجوارح هنا الكلاب فقط بقرينة قوله :
(مُكَلِّبِينَ) فإنّه مشتق من الكلب اى حال كونكم صاحبي كلاب أو معلّمى كلاب وهو يقتضي كون المراد بالجوارح هنا الكلاب فقط لانّ المكلب صاحب الكلاب بلا خلاف بين أهل اللّغة والتقييد به يعطى ما ذكرناه ، إذ لو أراد مطلق الجوارح لم يحتج الى هذا التقييد بل كان أخذه مضرّا.
وقد انعقد إجماع علمائنا على أنّه لا يجوز الاصطياد بشيء من الجوارح ، بمعنى أنّه لا يحلّ مقتولها الّا مقتول الكلب المعلّم فإنّه حلال سواء كان الجارح من جوارح