لما جرت العادة أن يرفع الصوت بالتكبير إذا رئي سمى ذلك إهلالا ثمّ قيل لرفع الصوت وان كان لغيره كذا قاله القاضي ، والمفهوم عرفا من قوله : أهل به لغير الله أنّ سبب التحريم عدم ذكر الله على الذبيحة ومقتضاه اشتراط الحلية بذكر اسمه كما قال : ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه.
(فَمَنِ اضْطُرَّ) اى تناول أحد الأمور المذكورة وعدم صبره عنه لمكان احتياجه الى سد الرمق الذي به الحياة (غَيْرَ باغٍ) بالاستيثار على مضطر مثله أو خارج على الإمام أو طالب أكل الميتة باللّذة (وَلا عادٍ) حد الضرورة أو بقطع الطريق وقد سلف مثله في مرسلة البزنطيّ فلا اثم عليه لا ذنب ولا تحريم عليه في التناول (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لما فعل (رَحِيمٌ) يرخص مثل ذلك حال الضرورة وقد سلف الوجه في الجمع بين الوجهين.
قال القاضي : فإن قيل : انما يفيد قصر الحكم على ما ذكر ، وكم من حرام لم يذكر قلت : المراد قصر الحرمة على ما ذكر ممّا استحلوه لا مطلقا أو قصر حرمته على حال الاختيار كأنّه قيل : انما حرم عليكم هذه الأشياء ما لم تضطروا إليها. وفي الأول خفاء وفي الثاني بعد مع انّ تحريم كل محرم فإنّما هو على حال الاختيار لا الاضطرار كما يدل عليه العقل والنقل فعاد السؤال.
ويمكن أن يقال : المحرم حين النزول لم يكن الا هذه فقط كما دل عليه قوله : قل لا أجد فيما اوحى الآية فصح الحصر باعتبار ذلك الوقت ، أو انّ الحصر إضافي بالقياس الى ما حرمه جماعة من الصحابة على أنفسهم كما أسلفناه في قوله تعالى (كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ). الآية أي ليس المحرم ما حرمتموه بل هذه الأشياء فتأمل.
الرابعة [الأنعام ١١٨]
(فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) متفرع على ما تقدمه من إنكار اتباع المضلين الذين يحرمون الحلال ويحللون الحرام فإنهم كانوا يقولون للمسلمين : انكم تزعمون انكم تعبدون الله فما قتله الله أحق أن تأكلوه مما قتلتم أنتم فنزلت والمعنى كلوا ممّا ذكر اسم الله على ذبحه لا ما ذكر اسم غيره كالأصنام أو لم يذكر عليه اسم ولا ما مات حتف أنفه.