واستدلّ بها الجبائي على أنّ المكره على أكل المحرّمات لا اثم عليه لأنّه بمثابة المضطرّ في الخوف على النّفس وهو كذلك عندنا وعند الأكثر من العامّة.
(وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ بِأَهْوائِهِمْ) اى باتّباع أهوائهم فيحلّلون الحرام ويحرّمون الحلال (بِغَيْرِ عِلْمٍ) يستندون اليه ، ومن قرء بضمّ الياء من الكوفيّين أراد أنّهم يضلّون أتباعهم فحذف المفعول به وهو كثير.
(إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ) المتجاوزين الحقّ إلى الباطل والحلال الى الحرام وفيه ترهيب عظيم.
ثم انّه تعالى بعد ذلك أكّد وجوب التّسمية حال الذّبح بقوله :
(وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ظاهره تحريم أكل ما لم يسمّ عليه سواء كال عمدا أو نسيانا وبظاهره أخذ داود وهو قول جماعة من العامّة وقال الشّافعيّ : يحلّ أكلها في الحالين ان كان الذّابح مسلما استنادا الى قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ذبيحة المسلم حلال وان لم يذكر اسم الله عليه ، والخبر غير معلوم الصّحة فلا يصحّ الاستناد إليه في العموم.
والّذي قاله أصحابنا : إن تعمّد تركها مع اعتقاد وجوبها لم تحلّ لأنّها ميتة وان تركها نسيانا بعد أن يكون معتقدا لوجوبها وتحريم الأكل مع التّرك عمدا حلّ أكلها ويدلّ على ذلك بعد الإجماع الأخبار الواردة عن أصحاب العصمة عليهمالسلام.
روى محمّد بن مسلم (١) في الصّحيح قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن الرّجل يذبح ولا يسمّى قال : ان كان نسيانا فلا بأس إذا كان مسلما. وكان يحسن أن يذبح (الحديث) ونحوه من الأخبار وعلى هذا فتخصص الآية به ووافقنا في ذلك أبو حنيفة. ولو تركها جهلا بوجوبها ففيه وجهان والأحوط الاجتناب.
__________________
(١) انظر التهذيب : ج ٩ ، ص ٦٠ الرقم ٢٥٢. والكافي : ج ٢ ، ص ١٤٨ باب ما ذبح لغير القبلة الحديث ٢. والمرآة ج ٤ ، ص ٥٢. وفيه «صحيح». وهو في الوسائل ج ٣ من طبعة الأميري ص ٢٤٠ باب ١٥ من أبواب الذبائح الحديث ٢. وفي الوافي ج ١١ ، ص ٣٤.