عزوجل لم يذكر في كتابه نصفين وثلثا وقال أيضا : سبحان الله العظيم أترون الّذي أحصى رمل عالج عددا جعل في مال نصفا ونصفا وثلثا وهذان النّصفان فأين موضع الثلث؟.
فقال زفر : يا ابن عباس فمن أوّل من أعال الفرائض؟ ـ فقال : عمر لمّا التقت الفرائض عنده ودفع بعضها بعضا قال : والله ما أدري أيّكم أقدّم وأيّكم أؤخّر وما أجد شيئا هو أوسع من أن أقسّم عليكم هذا المال بالحصص قال ابن عبّاس : لو قدّمتم من قدّم الله وأخّرتم من أخّر الله ما عالت الفريضة.
فقال له زفر : وأيّها قدّم وأيّها أخّر؟ ـ فقال : كلّ فريضة لم يهبطها الله الّا الى فريضة فهذا ما قدم الله وأمّا ما أخّر فكلّ فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها الّا ما يبقى فتلك الّتي أخر فأمّا الّتي قدّم فالزّوج له النّصف فإذا دخل عليه ما يزيله عنه رجع الى الرّبع لا يزيله عنه شيء ومثله الزّوجة والامّ وامّا الّتي أخّر ففريضة البنات والأخوات لها النّصف والثّلثان فإذا أزالتهنّ الفرائض عن ذلك لم يكن لهنّ الّا ما بقي فإذا اجتمع ما قدّم الله وما أخّر الله بدأ بما قدّم الله واعطى حقّه كاملا فإن بقي شيء كان لمن أخّر (الحديث).
ويدلّ عليه أيضا انّ المال إذا ضاق عن السّهام كما لو ماتت امرأة وخلفت ابنتين وأبوين وزوجا فانّ المال يضيق عن الثّلثين والسّدسين والربع فنحن بين أمرين إمّا أن ندخل النّقص على الجميع كما يقوله المخالفون أو ندخله على البعض دون البعض ، وقد أجمعت الأمّة هنا على أنّ البنتين لا يأخذان الثلثين كملا فتكونان منقوصتين بلا خلاف ومن عداهما لم يقع إجماع على نقصه من سهامه ولا قام دليل عليه بل ظاهر الكتاب يقتضي أنّ له سهما معلوما فيجب أن نوفيه ونجعل النّقص لا حقا بمن اجمع على النّقص فيه.
الثالث ـ الرّدّ اى ردّ ما فضل عن فرض ذوي السّهام من الورثة فعندنا أنّ الفاضل يردّ على ذوي السّهام بقدر سهامهم كمن خلف بنتا وأبا فللبنت في التّسمية النّصف وللأب في التّسمية السّدس وما بقي بعد ذلك فهو يردّ عليهما بقدر حصصهما