ذلك قطعا كما دلّ عليه قوله :
(وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ) اى العدل الّذي أمر الله به ، على أنّا نقول : التّخيير بين الحكم والاعراض ممّا انزل الله فالحاكم بكلّ من الأمرين حاكم بما انزل الله فتأمّل.
السابعة ـ
(وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي) اى لا تستبدلوا بها (ثَمَناً قَلِيلاً) تقييده بالقلّة لا يدلّ على انّه إذا كان كثيرا يجوز شراؤه به لانّ المقصود منه أنّ اىّ شيء باعوا به آيات الله كان قليلا وانّه لا يجوز أن يساويه فانّ كلما في الدّنيا قليل بالنّسبة إلى الآخرة : قال في مجمع البيان : وفي هذه الآية دلالة على تحريم أخذ الرّشا في الدّين لانه لا يخلو امّا أن يكون أمرا يجب إظهاره أو يحرم إظهاره فالأخذ على كلا الوجهين حرام ثم قال : وهذا الخطاب متوجّه أيضا الى علماء السوء من هذه الأمة إذا اختاروا الدّنيا على الدّين فيدخل فيه الشهادات والقضايا والفتاوى وغير ذلك.
الثامنة ـ
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ) اى الزموا طاعته فيما أمركم به ونهاكم عنه. (وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) في ذلك أيضا لأنّ طاعته طاعته ومن يطع الرّسول فقد أطاع الله وأفراده بالطّاعة تفخيما لشأنه.
(وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) قيل هم العلماء المجتهدون وقيل : أمراء المسلمين الحكام عليهم وان كانوا جائرين وهذا هو المشهور بين العامّة فهم يوجبون طاعة حكام الجور وان كانوا فسّاقا وهذا القول واضح الفساد وكيف يأمر الله بطاعة ظالم ويقرنه مع نفسه ورسوله في الإطاعة مع انّه نهى على الإطلاق عن ادنى ميل اليه بقوله : (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ).
قال في الكشاف : المراد بأولى الأمر منكم أمراء الحقّ لأنّ أمراء الجور الله ورسوله منهم بريئان فلا يعطفون على الله ورسوله في وجوب الطّاعة لهم وانّما يجمع