وقلبت وهو من صيغ المبالغة في الطغيان ويطلق على الواحد والجمع كقوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ).
(وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ) لقوله (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى) والمراد أنّ من هذا حاله فهو يزعم الايمان وليس بمؤمن لقولهم : زعموا مطيّة الكذب.
ففيها دلالة على أنّ بين الايمان وارادة التّحاكم الى الطّاغوت كمال المنافاة والبعد يمتنع اجتماعهما في شخص واحد. وفي أخبار أئمّتنا عليهمالسلام : انّ إرادة التّحاكم إلى حكّام الجور داخلة في الآية.
روى أبو بصير عن الصّادق عليهالسلام قال : أيّما رجل كان بينه وبين أخ له مماراة في حقّ فدعاه الى رجل من اخوانه ليحكم بينه وبينه فأبى الّا ان يرافعه إلى هؤلاء كان بمنزلة الّذين قال الله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ). الآية.
وروى أبو بصير عنه عليهالسلام في حديث قال فيه : لو كان على رجل حقّ فدعوته الى حكام أهل العدل فأبى عليك إلّا أن يرافعك إلى حكّام أهل الجور ليقضوا له لكان ممّن حاكم الى الطّاغوت وهو قول الله عزوجل (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ) الآية.
وفي رواية عمر بن حنظلة قال : سألت الصّادق عليهالسلام عن رجلين من أصحابنا يكون بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما الى السّلطان أو الى القضاة أيحلّ ذلك؟ فقال : من تحاكم الى الطّاغوت فحكم له به فإنّما يأخذ سحتا وان كان حقه ثابتا لأنّه أخذ بحكم الطّاغوت وقد أمر أن يكفر به الحديث.
ثمّ انّ الظّاهر من الآية أنّ ارادة التّحاكم الى الطّاغوت حرام بل كفر وبانضمام الرّوايات يظهر أنّ التّحاكم إلى حكام الجور كذلك وإن كان حقّا ثابتا في نفس الأمر كما يعطيه صريح الرّواية الأخيرة ويظهر من أبى الصّلاح القول بذلك فإنّه منع من التّوصل بحكم المخالف للحقّ إلى الحقّ إذا كان الغريمان