(شُهَداءَ لِلَّهِ) تقيمون شهاداتكم لوجه الله وطلبا لمرضاته غير ناظرين في ذلك أحدا سواه وهو خبر ثان أو حال عن اسم كان (وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ) بأن تقرّوا عليها وذلك لانّ الشّهادة بيان الحقّ سواء كان على الشّاهد أو على غيره.
(أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) اى ولو كانت عليهم (إِنْ يَكُنْ) المشهود عليه (غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللهُ أَوْلى بِهِما) اى لا تمتنعوا عن الشّهادة لكون المشهود عليه غنيّا طلبا لرضاه أو فقيرا للترحّم عليه فانّ الله أولى بالغنىّ والفقير وبالنّظر في أمورهما ومعاشهما فلو لم تكن الشّهادة صلاحا لهما لما شرعها لانّه أنظر لعباده من كلّ ناظر وأشفق عليهم من كلّ مشفق.
فهو علّة الجواب أقيمت مقامه وضمير المثنّى راجع الى ما دلّ عليه المذكور وهو جنسا الغنى والفقير لا إلى أحدهما ولا لواحد ، امّا جعل ضمير يكن راجعا الى كلّ واحد من المشهود عليه والمشهود له كما صرّح به البيضاوي فغير واضح الوجه إذ لم يتقدّم ذكر المشهود له ودلالة السّوق على خلافه فتأمّل.
وفي الآية دلالة على جواز شهادة الولد على والده كما ذهب اليه بعض أصحابنا وهو صريح بعض أخبارنا ولكنّ الأكثر على العدم حتّى ادّعى الشّيخ في الخلاف عليه إجماع الطّائفة واحتجّ لهم العلّامة بأنّ الشّهادة عليه نوع عقوق وهو حرام بقوله تعالى (وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً) وليس من المعروف الشّهادة عليه والردّ لقوله وإظهار تكذيبه.
وفيه نظر امّا الإجماع فلا نعرفه الّا من دعوى الشّيخ وهو حجّة على من عرفه كما قاله في الدّروس ، وكون ذلك عقوقا ممنوع ، ولا نسلّم أنّ الشهادة عليه تنافي المصاحبة بالمعروف بل تؤكّدها إذ خلافها ليس معروفا كما هو الظّاهر ممّا نحن فيه.
وفيها أيضا دلالة على قبول شهادة العبد على سيّده كما هو الظّاهر من بعض الأصحاب والأكثر على المنع من ذلك وان جازت على غيره نظرا الى ظاهر