وجاز أن يكون مع الفاصلة بالرّجعة ولو في مجلس واحد كما أشرنا اليه على انّ في الجمع بين الملاعنة والطّلاق تأمّلا.
ويحتمل أن يكون معنى الآية : الطّلاق الرّجعيّ الّذي ثبتت فيه الرّجعة مرّتان وذلك أنّ الرّجل في الجاهليّة كان يطلّق امرأته ثمّ يراجعها قبل ان تنقضي عدّتها ولو طلّقها ألف مرّة كانت القدرة على المراجعة ثابتة له فجائت امرأة إلى عائشة فشكت أنّ زوجها يطلّقها ويراجعها يضارّها بذلك فذكرت عائشة ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآله فنزلت.
فعلى هذا الآية متعلّقة بما قبلها والمعنى انّ الطّلاق الّذي يملك الرّجعة فيه مرّتان إذ لا رجعة بعد الثّالثة فإمساك بمعروف اى بالرّجعة الثّانية على الوجه الّذي لا ينكر في الشّرع أو تسريح بإحسان بأن يطلّقها الثّالثة فتبين منه ويؤيده. ما روى (١) انّه سئل صلىاللهعليهوآله اين الثّالثة؟ ـ فقال صلىاللهعليهوآله : أو تسريح بإحسان. أو بأن لا يراجعها حتّى تبين بالعدّة وليس في أصحابنا من يذهب الى هذا الوجه بل الذّاهب إليه الشّافعيّة المجوّزين للجمع بين الطلقات الثّلاث :
قالوا : لانّه تعالى بيّن في الآية الاولى أنّ حقّ الزّوجة ثابت للزّوج ولم يذكر أنّ ذلك الحقّ ثابت دائما أو الى غاية معيّنة فكان ذلك كالمجمل والعامّ فيفتقر الى مبيّن فذكر عقيبه أنّ الطّلاق المعهود السّابق الّذي يثبت فيه للزّوج حقّ الرّجعة هو ان يوجد طلقتان فقط ، فإذا وصلت التّطليقة الى هذه الغاية بطل حقّ الرّجعة.
والطّلاق بمعنى التّطليق كالسّلام بمعنى التّسليم ويؤيّد الأوّل انّه الظاهر من الآية إذ المتبادر منه الطّلاق الشّرعيّ لا الرّجعي وسيجيء تمام تفسير الآية.
__________________
(١) الكشاف ج ١ ، ص ٢٧٣ ، وفي الكاف الشاف : «أنه أخرجه الدار قطني».
قلت : انظر سنن الدار قطني ج ٤ ، ص ٣ و ٤. ولنا في هذا البحث بيان مبسوط في تعاليقنا على كنز العرفان ج ٢ من ص ٢٦٥ الى ص ٢٧٦ فراجع.