عليا بهذه الصفة لقوله (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ) يعني الحرب (أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) فوقع الإجماع بأن عليا أولى بالإمامة من غيره لأنه لم يفر من زحف كما فر غيره في غير موضع.
قوله سبحانه :
(الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً) ابن عباس والسدي ومجاهد والكلبي وأبو صالح والواحدي والطوسي والثعلبي والماوردي والثمالي والنقاش وعبد الله بن الحسين وعلي بن جرير الطائي في تفاسيرهم أنه كان عند علي بن أبي طالب أربعة دراهم من الفضة فتصدق بواحد ليلا وبواحد نهارا وبواحد سرا وبواحد جهرا فنزلت الآية رواه الغزالي في الأحياء والواحدي في أسباب النزول والأقليشي في ضياء الأولياء سمي كل درهم مالا وبشره بالقبول والأجر وزوال الخوف والحزن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك وأبو صالح والثعلبي والواحدي والترمذي وأبو يعلى الموصلي وسفين وشريك والليث في كتبهم في تفسير قوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً) أنه كانت الأغنياء يكثرون مناجاة الرسول فلما نزلت الآية انتهوا فاستقرض علي دينارا وتصدق به فناجى النبي ص عشر نجوات ثم نسخته الآية التي بعدها وبه خفف الله ذلك عن هذه الأمة وكان سببا للتوبة عليهم وكلهم عصوا في ذلك سواه يدل عليه (فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ) ولقد استحقوا العقاب لقوله (أَشْفَقْتُمْ) وفي هل أتى على الإنسان بين فضائلهم وذكر إنفاقهم وأوضح تقربهم وعرف سريرتهم وأوجب محبتهم وشرح عصمتهم ثم سألنا الأمة عن أول من سبق إلى الإسلام فقالوا علي وأبو بكر وزيد وسألناهم عن أعلمهم فقالوا علي وابن مسعود وسألناهم عن الجهاد فقالوا علي والزبير وأبو دجانة وسألناهم عن القرابة فقالوا علي والعباس وعقيل وسألناهم عن الزهد فقالوا علي وعمر وسلمان فرأينا عليا في هذه الخصال ثالث ثلاثة وقد اجتمعت فيه هذه الخصال كلها ولم يجتمع خصلتان في رجل منهم فثبت أنه خير الخلق بعد رسول الله وأحقهم بالإمامة فهذه خصال اجتمعت الأمة على أن التفضيل فيها وقد سبق على الكل في ذلك والدليل السمعي الذي يوجب كثرة الثواب ففي حديث تبوك وحديث الطير وغيرهما
فصل
قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) دال على