أن النبي لم ينطق عن هوى ولا فعل في الدين إلا بوحي فلو لا أن عليا ع كان الأفضل عند الله تعالى لما قدمه في أفعاله على الكافة ولا عظمه بما قاله على الجماعة لأنه لو لم يكن كذلك لكان خائنا له أو باخسا لغيره حقه أو غير عالم بحقيقة وضع الأمر في مستحقه وذلك كله محال فثبت أن تفضيل النبي ص عليا ع بأمر الله تعالى فمن الأفعال المجمع عليها تقديمه للمبارزة في بدر وخيبر والأحزاب وذات السلاسل وبني زهرة وإنفاذه إلى اليمن قاضيا وأمره على وجوه من أصحابه عند فتح مكة وفتح الطائف ولم يول عليها أحدا قط وما أخرجه إلى موضع ولا تركه في قوم إلا ولاه عليهم وكان الشيخان تحت راية عمرو بن العاص وأسامة بن زيد وعزل به جماعة منهم سعد بن عبادة عند فتح مكة وأعطاه الراية وأبا بكر عند نبذ العهد في مكة وأعطاه براءة واستخلفه في مبيته وعلى أهله وعلى رد الودائع ونقل الحرم إلى المدينة عند الهجرة واختصه لإيداع أسراره مثل حديث مارية وغيره وكتب عهوده ووحيه ولا يوجد الآن عهد النبي ص إلا بخطه وهذا الاحترام والتقريب لا يخلو إما أن يكون من الله تعالى أو من قبل نفسه وعلى الحالين جميعا أظهر للناس درجته عند الله تعالى ومنزلته عند رسوله ص وذلك يوجب أن يكون ولي عهده واختاره لمجالسته في الليالي ذكر في تاريخ البلاذري ومسند أحمد وأبي يعلى وسنن ابن ماجة وكتاب أبي بكر عياش ومسند أبي رافع أنه كانت لعلي كل ليلة دخلة وفي رواية دخلتان لم يكن لأحد من الناس ولم يكن لأحد أن يدخل على أزواج رسول الله بعد آية الحجاب إلا له وهذه مرتبة القربى كما قال (إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَ) واصطفاه من القرابة كلهم والقربى نوعان نسبي وحكمي وقد اجتمعا في علي أما النسبي فإنه لم يكن في أولاد عبد المطلب من هو أخو عبد الله لأبيه وأمه إلا أبو طالب كما قال أخي لأمي من بينهم وأبي وقال يوسف لبنيامين (أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ) وأما الحكمي مثل التربية والمؤاخاة والمصاهرة والأولاد والجوار والقربى بالحكم آكد من القربى بالنسب لأن النسب لا يدل على الاختصاص بنفسه والقربى بالحكم يدل على غاية الاختصاص والميزة أو القرابة لحم ودم والقربة روح ونفس وقد اجتمعا فيه وليس في العقل والشرع تفريق بين اللحم والدم والروح والنفس ولا يجوز تبعيد القريب وتقريب البعيد إلا للكفر أو الفسق وصاهره بعد ما رد أبا بكر وعمر وهو في الصحيحين فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ لَمْ يَخْلُقِ اللهُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ لَمَا كَانَ لِفَاطِمَةَ كُفْوٌ. ولا يقاس هذا بتزويج النبي في الشيخين أو الزواج من عثمان ببنتين لأن التزويج المطلق لا يدل على الفضل وإنما هو مبني على إظهار الشهادتين ثم إنه ع تزوج في جماعة وأما عثمان ففي زواجه خلاف كثير وإنه كان زوجهما من كافرين قبله