بيده تعالى وهو التوراة ، ومنها ما نزل به الروح الأمين عليهم من الكتاب المكنون الذي نزل من الله من عرشه المنقول من الدفتر الأعظم ، وهو الإمام المبين فهو معه على عرشه ، ونقل منه في اللوح المحفوظ قدر ما يقع به التصريف في الدنيا إلى يوم القيامة ، ويتضمن ما في العالم من حركة وسكون ، واجتماع وافتراق ، ورزق وأجل وعمل ، ثم أنزل ذلك كله في كتاب مكنون إلى السماء الدنيا ، وجعله بأيدي سفرة ، كرام بررة ، مطهرين أرواح قدس ، صحفا مكرمة ، مرفوعة مطهرة فيها توقيعات إلهية بما وعد الله المؤمنين بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاءت به رسله من اليوم الآخر والبعث الآخر وما يكون في ذلك اليوم من حكم الله في خلقه ، وتولى الله ذلك كله بنفسه على صورة الحق الذي بعث به رسله ، ليصدقهم عند عبيده ، فعلا بحكمه ذلك فيهم ، كما صدقهم في حال احتجابه بما أيدهم به من الآيات ، فآمن من آمن ، وكفر من كفر ، ثم إنه أنزل في الكتب والصحف على ألسنة الخلفاء صلوات الله عليهم وسلامة من الوعيد والتهديد ، وأخذ من كفر بالله ونافق أو آمن ببعض وكفر ببعض مما أنزله الله ، وجحد وأشرك ، وكذب وظلم ، واعتدى وأساء ، وخالف وعصى ، وأعرض وفسق ، وتولى وأدبر ، وأخبر في التوقيع أنه من كان بهذه المثابة وقامت به هذه الصفات في الحياة الدنيا أو بعضها ثم تاب إلى الله منها ، ومات على توبة من ذلك كله ، فإنه يلقى ربه وهو راض عنه ، فإن فسح له وأنسأ الله في أجله بعد توبته فعمل عملا صالحا بدّل الله سيئاته حسنات ، وغفر له جميع ما كان وقع منه قبل ذلك ، ولم يؤاخذه بشيء منه ، وما زالت التوقيعات الإلهية تنزل من الله على خلفائه بما يعدهم الله به من آمن بالله ورسله من الخير ، وما توعد به لمن كفر به من الشر ، مدة إقامة ذلك الخليفة المنزل عليه وهو الرسول إلى حين موته ، فمن زمان خلافته إلى انتهاء مدة عمره لا تزال التوقيعات الإلهية تنزل عليه ، فإذا مات واستخلف من شاء بوحي من الله له في ذلك ، أو ترك الأمر شورى بين أصحابه ، فيولون من يجمعون عليه ، إلى أن يبعث الله من عنده رسولا ، فيقيم فيهم خليفة آخر ، إلا إذا كان خاتم الخلفاء فإن الله يقيم نوابا عنه ، فيكونون خلفاء الخليفة من عند الله ، لا أنهم
____________________________________
الحمد الذي يليق بالله ، فإن التنكير أعم ، أي أبين في العموم من الألف واللام ، وإن كان يقتضي استغراق أجناس الثناء ، فيقتضي أيضا التعريف والعهد ، فلا يختص بأحد الوجهين إلا بدليل ، ومن جملة ما يثنى عليه سبحانه به معرفة أسماء الثناء ، فإن الثناء لا يقع إلا بعد معرفة الأسماء ،