في منزلة الرسل خلفاء من عند الله ، وهم الأقطاب وأمراء المؤمنين إلى يوم القيامة ، فمن هؤلاء النواب من يكشف الله عنه الغطاء فيكون من أهل العين والشهود ، فيدعو إلى الله على بصيرة ، كما دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولولا أن الزمان اقتضى أن لا يكون مشرع بعد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكان هؤلاء مشرعين ، وإن لم يأتوا إلا بشرع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإنهم كانوا يكونون فيه كما كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم في شرع من قبله إذا حكم به في أمته ، فهو بمنزلة الأول الذي كان قبله ، لا خليفة عنه في ذلك وإن قرره ، فلما منع الله ذلك في هذه الأمة ، علمنا أنهم خلفاء رسول الله صلىاللهعليهوسلم وإن دعوا إلى الله على بصيرة ، كما دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما ورد في القرآن العزيز عنه في قوله : (أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي) فالعبد إذا أقيم في خروجه من حضرة الحق إلى الخلق بطريق التحكم فيهم من حيث لا يشعرون ، وقد يشعرون في حق بعض الأشخاص من هذا النوع كالرسل عليهمالسلام ، الذين جعلهم الله خلائف في الأرض ، يبلغون إليهم حكم الله فيهم ، وأخفى ذلك في الورثة فهم خلفاء من حيث لا يشعر بهم ، ولا يتمكن لهذا الخليفة المشعور به وغير المشعور به أن يقوم في الخلافة إلا بعد أن يحصل معاني حروف أوائل السور سور القرآن المعجمة ، مثل «ألف لا م ميم» وغيرها الواردة في أوائل بعض سور القرآن ، فإذا أوقفه الله على حقائقها ومعانيها تعينت له الخلافة ، وكان أهلا للنيابة ، هذا في علمه بظاهر هذه الحروف ، وأما علمه بباطنها فعلى تلك المدرجة يرجع إلى الحق فيها ، فيقف على أسرارها ومعانيها من الاسم الباطن إلى أن يصل إلى غايتها ، فيحجب الحق ظهوره بطريق الخدمة في نفس الأمر ، فيرى مع هذا القرب الإلهي خلقا بلاحق ، كما يرى العامة بعضهم بعضا ، ولا يكون في الزمان إلا واحدا يسمى الغوث والقطب ، وهو الذي ينفرد الحق ويخلو به دون خلقه ، فإذا فارق هيكله المنور انفرد بشخص آخر لا ينفرد بشخصين في زمان واحد ، وذلك العبد عين الله في كل زمان ، لا ينظر الحق في زمانه إلا إليه ـ لم كان الخليفة في الأرض؟ : لما كان الاختصاص الإلهي الكامل في الجمع بين السعادة والصورة ، كان الكمال للمؤمن بالخلافة في المكان الذي من شأنه أن يظهر فيه كمال الصورة ، من نفوذ الاقتدار عند الإغضاب ، وليست الجنة بمحل لهذه الصفة
____________________________________
فإنها تدل على المسميات ، سواء كانوا حاضرين أو غير حاضرين ، فإن كانوا حاضرين فيغني الثناء بالإشارة ، وإن كانوا غير حاضرين ولا علم لهم بأسماء من غاب ويريدون الثناء على الله بهم ،