فليست بدار خلافة بل هي دار ولاية ، ونشأة الدنيا على مزاج يقبل الغضب ولهذا قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ولم يقل في العالم ـ الوجه الثاني في قوله تعالى (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ورد في الخبر أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : [أنا سيد ولد آدم ولا فخر] وفي صحيح مسلم [أنا سيد الناس يوم القيامة] فثبتت له السيادة والشرف على أبناء جنسه من البشر ، وقال عليهالسلام : «كنت نبيا وآدم بين الماء والطين» يريد على علم بذلك ، فأخبره الله تعالى بمرتبته وهو روح قبل إيجاده الأجسام الإنسانية ، كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاد أجسامهم ، فكانت الأنبياء في العالم نوابه صلىاللهعليهوسلم ، من آدم إلى آخر الرسل عليهمالسلام ، وقد أبان صلىاللهعليهوسلم عن هذا المقام بأمور : منها قوله صلىاللهعليهوسلم «والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا أن يتبعني» ، وقوله في نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان إنه يؤمنا بسنة نبينا عليهالسلام ، ولو كان محمد صلىاللهعليهوسلم قد بعث في زمان آدم لكانت الأنبياء وجميع الناس تحت شريعته إلى يوم القيامة حسا ، ولهذا لم يبعث عامة إلا هو خاصة ، فهو الملك والسيد وكل رسول سواه بعث إلى قوم مخصوصين ، فمن زمان آدم عليهالسلام إلى زمان بعث محمد صلىاللهعليهوسلم إلى يوم القيامة ملكه ، وتقدمه في الآخرة على جميع الرسل وسيادته فمنصوص على ذلك في الصحيح عنه ، فروحانيته صلىاللهعليهوسلم موجودة وروحانية كل نبي ورسول ، فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة بما يظهرون به من الشرائع والعلوم في زمان وجودهم رسلا ، فنسب كل شرع إلى من بعث به ، وهو في الحقيقة شرع محمد صلىاللهعليهوسلم وإن كان مفقود العين من حيث لا يعلم ذلك ، فهو صلىاللهعليهوسلم الحاكم غيبا وشهادة ، فبنو آدم سوقة وملك لهذا السيد محمد صلىاللهعليهوسلم وهو المقصود فهو ملك وسيد على جميع بني آدم ، وجميع من تقدمه كان ملكا له وتبعا ، والحاكمون فيه نوّاب عنه ، والملك عبارة عما مهد الله من آدم إلى زمان محمد صلىاللهعليهوسلم من الترتيبات في هذه النشأة الإنسانية بما ظهر من الأحكام الإلهية فيها ، فكانوا خلفاء الخليفة السيد ، وأول موجود ظهر من الأجسام الإنسانية كان آدم عليهالسلام ، فكان آدم عليهالسلام أول خليفة ونائب عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقد ورد في الحديث
____________________________________
لا يتمكن لهم ذلك لعدم معرفتهم بأسمائهم ، فقد نقص من عموم ذلك الحمد ما ادعوه ، فقال (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) والثناء كلام ، والكلام إنما هو بالأسماء والمسميات ، وقولهم (وَنُقَدِّسُ