وَنُقَدِّسُ لَكَ) تعني ذواتها وقولها : (لَكَ) أي من أجلك ، وكونهم ذوات مقدسة لذاتها أنها لم تلتفت قط إلى غير الاسم الإلهي الذي عنه تكونت ، فلم يطرأ عليها حجاب يحجبها عن إلهها ، فتتصف لذلك الحجاب بأنها غير مقدسة ، ولذلك قال تعالى في الملائكة : (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) ولا يكون ذلك إلا من ذاته مقدسة بالشهود الدائم ، فقولها يعني نحن أولى من هذا ، فرجحوا نظرهم على علم الله في خلقه ، لذلك قال لهم : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فوصفهم بنفي العلم ، الذي علم الحق من هذا الخليفة مما لم يعلموا ، وأثنوا على أنفسهم ، فمسألتهم جمعت ذلك حيث أثنوا على أنفسهم ، وعدلوها ، وجرحوا غيرهم ، وما ردوا العلم في ذلك إلى الله ، وهذا يؤيد أن الملائكة تحت حكم الطبيعة ، وأن لها أثرا فيهم وفي ذلك نقول : ـ
فعجبت منهم كيف قال جميعهم |
|
بفساد والدنا وسفك دماء! |
إذ كان يحجبهم بظلمة طينه |
|
عما حوته من سنا الأسماء |
وبدا بنور ليس فيه غيره |
|
لكنهم فيه من الشهداء |
أن كان والدنا محلا جامعا |
|
للأولياء معا وللأعداء |
ورأى المويهة والنويرة جاءتا |
|
كرها بغير هوى وغير صفاء |
فبنفس ما قامت به أضداده |
|
حكموا عليه بغلظة وبذاء |
وأتى يقول أنا المسبح والذي |
|
ما زال يحمدكم صباح مساء |
وأنا المقدس ذات نور جلالكم |
|
وأتوا في حق أبي بكل جفاء |
لما رأوا جهة الشمال ولم يروا |
|
منه يمين القبضة البيضاء |
ورأوا نفوسهم عبيدا خشعا |
|
ورأوه ربا طالب استيلاء |
لحقيقة جمعت له أسماء من |
|
خص الحبيب بليلة الإسراء |
ورأوا منازعة اللعين بجنده |
|
يرنو إليه بمقلة البغضاء |
وبذات والدنا منافق ذاته |
|
حظ العصاة وشهوتا حواء |
علموا بأن الحرب حتما واقع |
|
منه بغير تردد وإباء |
فلذاك ما نطقوا بما نطقوا به |
|
فاعذرهم فهمو من الصلحاء |
____________________________________
صح قوله (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في دعواكم في عموم ما ينبغي لي من الثناء ، وفي تقديس ذواتكم