المؤمن ، وقال : إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم. وذلك أن المستخلف إنما نظره أبدا إلى خليفته ما يفعله فيما قلده ، والله سبحانه قد استخلف الأرواح على الأجسام.
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣١)
لما كان للإنسان المنصب العالي بالخلافة كان العين المقصودة من العالم وحده ، وظهر هذا الكمال في آدم عليهالسلام في قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فأكدها بالكل وهي لفظة تقتضي الإحاطة والعموم ، فشهد له الحق بذلك ، كما ظهر هذا الكمال في محمد صلىاللهعليهوسلم أيضا بقوله «فعلمت علم الأولين والآخرين» ، فدخل علم آدم في علمه فإنه من الأولين وما جاء بالآخرين إلا لرفع الاحتمال عند السامع إذا لم يعرف ما أشرنا إليه ، وهو صلىاللهعليهوسلم قد أوتي جوامع الكلم بشهادته لنفسه ، وفي الأسماء التي علمها الله آدم عليهالسلام وجوه ـ الأول ـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) فما بقي اسم في الحضرة الإلهية إلا ظهر له ، فعلم جميع أسماء خالقه ، وهي الأسماء التي ما أثنت الملائكة على الله بها ، ولم تعط بعد آدم عليهالسلام إلا لمحمد صلىاللهعليهوسلم ، وهو العلم الذي كنى عنه بأنه جوامع الكلم ، فكان آدم العابد بكل شرع ، والمسبح بكل لسان ، والقابل لكل تجلي. وأما الأسماء الخارجة عن الخلق والنسب فلا يعلمها إلا هو ، لأنه لا تعلق لها بالأكوان وهو قوله صلىاللهعليهوسلم في دعائه «أو استأثرت به في علم غيبك» يعني من الأسماء الإلهية ، وإن كان معقول الأسماء ما يطلب الكون ، ولكن الكون لا نهاية لتكوينه ، فلا نهاية لأسمائه. فأعطى الحق آدم جميع الأسماء الإلهية كلها فسبحه بكل اسم إلهي له بالكون تعلق ، ومجده وعظمه ، لا اسم القصعة والقصيعة الذي ذهب إليه من لا علم له بشرف الأمور ، ولذلك قالت الملائكة : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ
____________________________________
هذا التفسير والترجمة عن هذا ، قوله تعالى بعد كلامهم (٣١) (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وما تقدم لهم في اللفظ ذكر