الخليفة ، وأمروا بالسجود فطأطؤا عن أمر الله ، ناظرين إلى مكان هذا الخليفة حتى يكون السجود له ، لأن الله أمرهم بالسجود له ، فقال صلىاللهعليهوسلم : أطت السماء بعمارها وحق لها أن تئط ، ما فيها موضع شبر إلا وفيه ملك ساجد لله ، واستصحاب سجود الملائكة للإمام دنيا وآخرة ونقول في الملائكة :
قدّسهمو أن يجهلوا حق من |
|
قد سخر الله له العالمين |
كيف لهم وعلمهم أنني |
|
ابن الذي قد خروا له ساجدين |
واعترفوا بعد اعتراض علي |
|
والدنا بكونهم جاهلين |
وأبلس الشخص الذي قد أبى |
|
وكان للفضل من الجاحدين |
قدّسهمو قدّسهمو أنهم |
|
قد عصموا من خطأ المخطئين |
والسؤال هنا : كيف توجه الخطاب على إبليس وهو ليس من صنف الملائكة؟ فقال تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ). فنقول إن معنى الملائكة : الرسل وهو من المقلوب ، وأصله مألكة ، والألوكة الرسالة والمألكة الرسالة ، فما تختص بجنس دون جنس ، فالرسالة جنس حكم يعم الأرواح الكرام البررة السفرة ، والجن ، والإنس ، فمن كل صنف من أرسل ، ومنه من لم يرسل ، ولهذا دخل إبليس في الخطاب بالأمر بالسجود لما قال الله للملائكة : (اسْجُدُوا) لأنه ممن كان يستعمل في الرسالة ، فهو رسول ، فأمره الله فأبى واستكبر فكان ذلك سببا لبعده عن القرب الإلهي ، فصح الاستثناء وجعله منصوبا بالاستثناء المنقطع ، فقطعه عن الملائكة كما قطعه عنهم في خلقه من نار ، ولكنه تعالى شرّك بينهم في
____________________________________
بالأسماء ما لم يكونوا يعلمون ، والسجود لله ، وجرت العادة في الملوك إذا أنعموا على شخص بحضور خاصته ، أن يخدموه بما جرت العادة أن يخدموه به ، ولا سيما إذا عاد عليهم من ذلك الشخص منفعة من جانب الملك لهم بسببه ، فتكون تلك الخدمة من أجل ذلك الشخص للملك (فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ) وأبى إبليس واستكبر حسدا وظلما وعلوا للجنسية ، فإنه رأى نفسه مخلوقا مثله من الطبائع الأربع ، ورأى أن العنصر الذي غلب عليه أشرف من العنصر الذي غلب على نشأة الإنسان ، فهذا استكباره ، وأما إبايته فقد نبهنا أن النارية تقتضي له ذلك ، ويكون الاستثناء متصلا بوجه ، ومنقطعا بوجه ، فمن راعى نشأته وجنسه ، قال : إنه استثناء منقطع ، ومن رأى أنه في الملائكة كالمستهلك فيهم لكثرتهم ، واتصاله بهم في جماعتهم في عباداتهم