يدل دليل آخر من الشارع أو من قرائن الأحوال أنه يريد بذلك اللفظ المفهوم منه في اللغة أو أمرا آخر بعينه أيضا ، هذا مطرد في جميع ما تلفظ به الشارع.
أما المفسرون الذين يأخذون حكايات اليهود في تفسير القرآن فقد أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن لا نصدق أهل الكتاب ولا نكذبهم ، فمن فسر القرآن برواية اليهود فقد ردّ أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومن ردّ أمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقد رد أمر الله ، فإنه أمر أن نطيع الرسول وأن نأخذ ما أتانا به ، وأن ننتهي عما نهانا عنه ، إذ لا يوصلنا إلى أخبار الأنبياء الإسرائليين إلا نبي فنصدقه ، أو أهل كتاب فنقف عند أخبارهم ، إذ لم يكن في كتابنا ولا قول رسولنا صلىاللهعليهوسلم ولا في أدلة العقول ما يرده ولا يثبته ، ولا نقضي فيه بشيء ، وينبغي للمفسر أن يتحرى الصدق ولا يتعرض لما ذكره المؤرخون عن اليهود من زلات من أثنى الله عليهم واجتباهم ، ويجعل ذلك تفسيرا لكتاب الله ، وما ينبغي أن يقدم على تفسير كلام الله بمثل هذه الطوام ، كقصة يوسف وداود وأمثالهم عليهمالسلام ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، بتأويلات فاسدة ، وأسانيد واهية ، عن قوم قالوا في الله ما قد ذكر الله عنهم ، فيجد الذي في دينه نقص رخصة يلجأ إليها في معصيته ، ويقول : إذا كانت الأنبياء قد وقعت في مثل هذا ، فمن أكون أنا؟ وحاشا والله الأنبياء مما نسبت إليهم اليهود لعنهم الله ، فهؤلاء المفسرون الذين يرددون افتراءات اليهود ، نقلة عن اليهود لا عن كلام الله ، لما غلب عليهم من الجهل ، فواجب إقامة حرمة الأنبياء عليهمالسلام ، والحياء من الله أن لا يقلد اليهود فيما قالوا في حق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من المثالب.
المناسبة بين آي القرآن
لا بد من مناسبة بين آي القرآن من نسق بعضها إلى بعض ، فيعرف الجامع بين الآيتين وإن كان بينهما بعد ظاهر ، فذلك صحيح ، ولكن لا بد من وجه جامع بين الآيتين مناسب هو الذي أعطى أن تكون هذه الآية مناسبة لما جاورها من الآيات ، لأنه نظم إلهي ، وما رأينا أحدا ذهب إلى النظر في هذا إلا الرماني من النحويين ، فإن له تفسيرا للقرآن ، أخبرني من وقف عليه أنه نحا في القرآن هذا المنحى ، ولذلك نقول إن كل آية في الهجيرات تؤخذ على انفرادها كما سطرت ، وعند أهل التحقيق هذا المأخذ وإن كان عالي الأوج ، فإن مسمى