تسبيحا ، فيعلم بهذا الكشف نسبة الحياة أيضا إلى النبات ، لأن الضرب كان بالعصا ، وهي من عالم النبات ، وبضربه بها ظهر ما ظهر ، ومن لا كشف له لا يعلم أن النبات حي ، إلا من يصرف الحياة إلى النمو ، فعلم الاثنتي عشرة عينا على الكشف والمشاهدة هو علم ما يتعلق بمصالح العالم (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) من تلك العيون ، فمن علمها علم حكم الاثنى عشر برجا ، وعلم منتهى أسماء الأعداد وهي اثنا عشر ، وعلم الإنسان بما هو ولي لله تعالى.
____________________________________
الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) الآية ، قيل لهم قولوا : حطة ، فبدلوا ، قيل المعنى فاستهزؤا ، وقيل اللفظ ، فقالوا : حطا سمقا ، بالقبطية معناه حنطة حمراء استهزاء ، فعاقبهم الله على ذلك ، فقال (فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ) بيّن أن الرجز إنما نزل بالظالمين ، ولم يقل عليهم لئلا يدخل فيه غير الظالمين ، لأن العذاب قد ينزل فيعم الصالح والطالح ، ويحشر كل إنسان على عمله ، فلهذا أخبر الله أن الرجز الذي هو العذاب اختص بالذين ظلموا (بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) أي بخروجهم عن أمرنا فيما بدلوه من قولنا قولوا حطة ، ومن نعمه أيضا قوله (٦١) (وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ) الآية ، لما أعطاهم ما يقيهم من حر الشمس وما يأكلون طلبوا ما يشربون ، فاستسقى الله لهم موسى (فَقُلْنَا) فقال له ربه (اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) فإن الحجارة في الغالب موضع تفجير الماء (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً) وكانوا اثني عشر سبطا ، لكل سبط عين ، والحجر قد يكون الألف واللام لحجر بعينه ، وكذا ذكر في التاريخ ، وأنه كان صغيرا يحمله في مخلاة ، فحيثما نزلوا من التيه أخرجه وضربه بعصاه ، فتفجر عيونا اثنتي عشرة ، وقد يحتمل أن يكون للجنس ، وقوله (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ) كان لكل سبط عين تخصه ، وكل سبط يرجع إلى ولد من أولاد يعقوب ، وهم الأسباط ، فسبط يرجع إلى روبيل ومعناه بالعربية الأبيض ، وسبط يرجع إلى يهود ومعناه بالعربية شاكر ، وسبط يرجع إلى شمعون وهو بالعربية سمعان ، وسبط يرجع إلى نفنوان ومعناه المنطيق ، وسبط يرجع إلى رنوان ويقال فيه ربالون ولم نر له تفسيرا ، وسبط يرجع إلى آشر ومعناه الطيب ، وسبط يرجع إلى أنساخر ومعناه المتأخر ، وسبط يرجع إلى جاد ومعناه الفياض ، وسبط يرجع إلى دان ومعناه بالعربية الحكم ، وسبط يرجع إلى يوسف ومعناه يزيد ، وسبط يرجع إلى لاوى ومعناه العطاف ، وسبط يرجع إلى بنيامين ومعناه شداد ، وكلهم أولاد يعقوب وهو إسرائيل ومعناه صفوة الله ، ثم قال لهم (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ) تقدم الكلام في الرزق (وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) اسم فاعل من أفسد يفسد فهو مفسد ، يقال عاث في الأرض إذا أفسد فيها ، وبه سمى العوث وهي الدودة التي تأكل الثياب