المقوم ، فأعلمه الله بما وقع أن الحيوانية في الحيوان كله حقيقة واحدة ، فأفاده ما لم يكن عنده ، وكذلك ذلك الميت ما حيي إلا بحياة حيوانية لا بحياة إنسانية من حيث إنه ناطق ، وكان كلام ذلك الميت مثل كلام البقرة في بني إسرائيل. قال الصحابة تعجبا : بقرة تكلم؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : آمنت بهذا ، وما رأوا أن الله قد قال ما هو أعجب من هذا أن الجلود قالت : أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء ، فهذه الحياة التي تظهر لأعين الخلق عند خرق العوائد في إحياء الموتى هي الحياة الذاتية للأشياء ـ إشارة ـ لا يقوم تركيب إلا بحل تركيب ، انظر سره لما ذبحت البقرة قام الميت بحياتها من قبره ، والبقرة من عالم الوسط كالبرزخ بين الدنيا والآخرة ، فهي فوق الكبش ودون البدنة في الأجر ، فبذبحها سرّحت في الحضرة البرزخية ، فكان سببا في نقل حياتها إلى حياة البرزخ ، وهو إحياء هذا الميت ، فإن الميت في عالم البرزخ ، فوقعت المناسبة.
ـ إشارة ـ من الحياة بالضرب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : «فضرب بيده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ، فعلمت علم الأولين والآخرين» فأضاف العلم إلى الضرب باليد الإلهية ، وهي الحياة المعنوية.
____________________________________
بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ) لا تعلمون تسبيحهم (إِنَّهُ كانَ حَلِيماً) فلم يؤاخذكم عاجلا بإنكاركم ذلك (غفورا) بما ستر من إدراك حياتها لأبصاركم ، ولنا حياة منسوبة إلى ارتباط الروح الناطق بهذا الجسم ، وهو الذي يظهر حياته في الجسم ، وافتراقه من الجسم يسمى الموت ، ولنا حياة أخرى نشرك بها جميع الأجسام ، وهي التي أخذ الله بأبصارنا عنها ، فقد يمكن أن يكون حياة صاحب البقرة ظهور تلك الحياة ، ثم قال (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) أي دلالاته على أنه على كل شيء قدير (لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تمسكون على ذلك ، مأخوذ من العقال ، وتثبتون عليه من غير شبهة تزلزلكم عنه ، وقوله (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) وهو ما أظهر من كذب ولي المقتول ، وفيه تنبيه على إظهار ما استتر عن عيوننا من حياة الأجسام ، وهو ما نبّهنا عليه آنفا ، ونسب الكتمان إليهم لأن الأمر مستور فيهم ، وقوله (بَقَرَةً) بلفظ التنكير حتى لو أخذوا أية بقرة كانت ، وقع الغرض ، ذلك محتمل بالنظر إلينا ، وأما في علم الله فبقرة مخصوصة بهذا الوصف ، ولو فهموا منه بقرة على الإطلاق لبادروا إليها ، فإن النفوس قد طبعت على طلب التيسير ، وقوله (فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ) من أول سؤال سألوه يؤذن بالزجر عن السؤال وكثرته ، قال عليهالسلام (إنما أهلك