(قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) (٩٧)
راجع نزول القرآن على القلب آية ١٢١.
____________________________________
[لو تمنوا الموت ما قام أحد من مجلسه حتى يموت غصصا بريقه] فأخبر عليهالسلام بالأمر قبل كونه ، وقال (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) وعيد وتهديد لليهود لأنهم يعلمون أنهم ظالمون ، فإنهم على يقين من صدق ما كفروا به ، ويعلمون أن الله يعلم ذلك ، وعملهم يقتضي بالحال أنهم يعتقدون أن الله لا يعلم ذلك ، كما يذهب إليه بعض النظار من الفلاسفة أن الله لا يعلم الجزئيات ، فهذا فائدة قوله لهم (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) ، ثم قال لمحمد صلىاللهعليهوسلم (٩٧) (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ) هما معمولان لهذا الفعل ، أي أشد الناس حرصا ، والألف واللام للجنس ، فأنهم أحرص على الحياة من كل أحد وخصوصا «و» أحرص (مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا) فإنه لا أحد أحرص على الحيوة ممن لا يقول بالبعث ، فيستغنم الحياة الدنيا ، فهو شديد الحرص على طلبها ، وهؤلاء اليهود المنكرون ما تيقنوا أنه صدق ، وقد تيقنوا العقوبة على ذلك من كتابهم ، فهم قاطعون بالوعيد ، فحرصهم على الحيوة أشد من حرص من لا يؤمن بالبعث لما يؤلون إليه في الدار الآخرة من العذاب ، وهو الأوجه في الترجمة عن هذه الآية ، وقوله (عَلى حَياةٍ) منكّرة أي حياة بهذه الصفة من الطول (يَوَدُّ أَحَدُهُمْ) أي يتمنى (لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ) والمعنى أبدا ، لعلمه بما يصير إليه بعد الموت ، قال تعالى (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) فهنا وجهان ـ الواحد : أن الدنيا لا بد من تناهيها ، فلا بد من الموت واللحوق بما ذكرناه من الوعيد لهم ، ففيه أنهم لا يتوبون ولا يتوب الله عليهم ، فهذا يأس من الله لهم وهو سديد ، والوجه الآخر : أنه وإن كانت الإقامة في الدنيا لهم سرمدا ولا تكون آخرة فليس هذا مما ينجيهم من عذابنا ، فإن العمر الطويل وغير الطويل لا ينجي من العذاب (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) أي يبصر ويرى ما يكون من أعمالهم ، تنبيه على الخوف والحياء منه سبحانه ، وفيه هنا تهديد (٩٨) (قُلْ مَنْ كانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللهِ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدىً وَبُشْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) زعمت اليهود أن الله أمر جبريل أن يجعل النبوة في بني إسرائيل فجعلها في العرب ، فاتخذوه عدوا ، كما فعلت الرافضة حيث قالوا : إن الله أمر جبريل أن يجعل النبوة في علي ، فجعلها في محمد صلىاللهعليهوسلم ، وهذا من جملة ما ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه يكون في أمته ، فقال في الحديث الصحيح [إنكم لتتبعون سنن من