الحج لها ، وهكذا فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم في قرانه في حجة وداعه التي قال فيها : [خذوا عني مناسككم] فالحج الأكبر له زمان خاص ، والعمرة لا تختص بزمان دون زمان ، فحكمها أنفذ في الزمان من الحج الأكبر ، وحكم الحج الأكبر أنفذ في استيفاء المناسك من الحج الأصغر ، ليكون كل واحد منهما فاضلا مفضولا (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) طافت هاجر أم اسماعيل عليهالسلام بين الصفا والمروة ، وهرولت في بطن الوادي سبع مرات تنظر إلى من يقبل من أجل الماء لعطش قام بابنها إسماعيل ، فخافت عليه من الهلاك ، والحديث مشهور ، فجعل الله فعل هاجر من السعي بين الصفا والمروة وقرره شرعا ، وإنما يبدأ بالصفا لأن الله تهمم بها في الذكر فبدأ بها ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم لما جاء في حجة وداعه إلى السعي بين الصفا والمروة : [أبدأ بما بدأ الله به] فبدأ بالصفا واقترأ الآية ، فمن أراد أن يحصل علم الله في خلقه فليقف عند ترتيب حكمته في الأشياء ، فيقدم ما قدمه الله ويؤخر ما أخره الله ، فإن من أسمائه المقدم والمؤخر ، فإن أخرت ما قدمه أو قدمت ما أخره فهو نزاع خفي يورث حرمانا ، فقفوا على مشاعر الله التي بيّنها لكم ولا تتعدوا ما رسم لكم ، وما قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم ذلك إلا تعليما لنا ولزوم الأدب مع الله ، ولولا أنه جائز له أن يبدأ بالمروة في سعيه لما قال هذا ، ورجح ما بدأ الله به على ما في المسألة من التخيير من أجل الواو ، فإنه ما بدأ الله به إلا لسر يعلمه ، فمن لم يبدأ به حرم فائدته ، وقد قال صلىاللهعليهوسلم : [خذوا عني مناسككم] ، وتقديم الصفا في السعي من المناسك ، وهكذا فعل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال الله : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) وقال : (إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ) ، وقال : [من رغب عن سنتي فليس مني] فأبان رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن مراد الله منّا في هذه العبادة ، فالأولى ألا نتصرف بالاختيار لما تقدم من بيان الشارع الذي هو العبد المحقق محمد صلىاللهعليهوسلم ، فلم يقدم السعي على الطواف ولا المروة على الصفا في السعي ، ولما رقي صلىاللهعليهوسلم على الصفا حتى رأى البيت استقبل القبلة فوحد الله وكبره ، وقال : لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ،
____________________________________
عليهما والسعي بينهما لمن حج أو اعتمر قربة إليه سبحانه ، وعلما من أعلام القرب في الحج إلى الله (فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ) الألف واللام للتعريف والعهد ، يقول فمن قصد البيت حاجا (أَوِ اعْتَمَرَ) أو معتمرا (فَلا جُناحَ) أي فلا إثم «عليه عند الله»