والعالمين عبارة عن كل ما سوى الله ، وهذه وصية إلهية لعباده ، لما خلقهم على صورته ، وأعطى من أعطى منهم الإمامة الكبرى والدنيا وما بينهما ، وذلك قوله صلىاللهعليهوسلم : كلكم راع ومسؤول عن رعيته ، وجعل هذا التحميد بين الرحمة المركبة ، فإنه تقدمه (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) وتأخر بعده (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) فصار العالم بين رحمتين ، فأوله مرحوم ومآله إلى الرحمة.
إشارة ـ الرب الثابت فلا يزول ، فلا تزيله (١).
الحمد لله رب العالمين على |
|
ما كان منه من الأحوال في الناس |
مما يسرهمو مما يسؤهمو |
|
وكل ذلك محمول على الراس |
له الثناء له التمجيد أجمعه |
|
من قبل والدنا المنعوت بالناسي |
عبدته وطلبت العون منه كما |
|
قد قال شرعا على تحرير أنفاسي |
وأن يهيئ لي من أمرنا رشدا |
|
وأن يلين مني قلبي القاسي |
حتى أكون على النهج القويم به |
|
خلقا كريما بإسعاد وإيناس |
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٣)
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من أسماء الله تعالى وهو من الأسماء المركبة ، كبعلبك ورام هرمز ، فكانت تربيته تعالى للعالم باللطف والحنان والرحمة الرحمانية المؤكدة بالرحيمية ، فعم بالرحمن ، فالرحمن مبالغة في الرحمة العامة ، التي تعم الكون أجمعه ، وخص بالرحيم ، وجعل الله تعالى في أم الكتاب أربع رحمات : فضمن الآية الأولى من أم الكتاب وهي البسملة
____________________________________
من الرب معمولا للام لله ، لم يكن العالم من طريق المعنى مرفوعا ، فبقي على أصله من الخفض ، فلا وجه للرفع هنا أصلا ، لفظا ومعنى ، وقد نبهتك على مأخوذ الإشارات كيف هي عند أصحابنا ، فإنها لا تجري مجرى التفسير ، ولكن تجري مجرى الدلالة ، فارجع إلى الترجمة من غير إشارة تتخللها والحمد لله ، قوله (٣) (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) اعلم أنه مهما وقع ذكر العالم مجاورا لاسم إلهي وبين اسمين من أسماء الله ، فلا بد أن يكون للاسم معنى فيه ، فينبغي للمفسر أن لا يغفل عن هذا القدر ، والرحمن هو الذي وسعت رحمته كل شيء بإخراج كل شيء من العدم إلى الوجود ،
__________________
(١) لا : هنا نافية أي أنك بإزالته في زعمك فإنه لا يزول.