كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) ـ راجع آية ١٨٣ ـ (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) معدودات لا يزاد فيها ولا ينقص منها (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) فيما خاطبكم به من الرفق في التكليف (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وهو ما يشق عليكم ، تأكد بهذا القول : (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) وقوله : (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) أي فإن مع عسر المرض يسر الإفطار ، ومع عسر السفر يسر الإفطار (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) برؤية الهلال أو بتمام الثلاثين (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ) تشهدوا له بالكبرياء ، تفردوه به ولا تنازعوه فيه ، فإنه لا ينبغي إلا له سبحانه ، فتكبروه عن صفة العسر واليسر (عَلى ما هَداكُمْ) أي وفقكم لمثل هذا وبيّن لكم ما تستحقونه مما يستحقه تعالى ، (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فجعل ذلك نعمة يجب الشكر منا عليها لكوننا نقبل الزيادة ، فنبهنا بما هو مضمون الشكر لنزيده في العمل. ـ إشارة ـ (شَهْرُ رَمَضانَ ... فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) اعلم أيدك الله أن الصوم هو الإمساك والرفعة ، يقال : صام النهار ، إذا ارتفع ، ولما ارتفع الصوم عن سائر العبادات كلها في الدرجة سمي صوما ، ورفعه سبحانه بنفي المثلية عنه في العبادات ، وسلبه عن عباده مع تعبدهم به ، وأضافه إليه سبحانه ، وجعل جزاء من اتصف به بيده من أنايته ، وألحقه بنفسه من نفي المثلية فقوله تعالى [كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي] أي صفة الصمدانية وهي التنزيه عن الغذاء ليس إلا لي ، وإن وصفتك به فإنما وصفتك باعتبار تقييد ما من تقييد التنزيه ، لا بإطلاق التنزيه الذي ينبغي لجلالي ، فقلت [وأنا أجزي به] فكان الحق جزاء الصوم للصائم إذا انقلب إلى ربه ولقيه بوصف لا مثل له ، وهو الصوم ، إذ كان لا يرى من ليس كمثله شيء إلا من ليس كمثله شيء ، فإنه سبحانه لا مثل له بالأدلة العقلية والشرعية ، فأول مراتب الصوم عندنا هو الصوم العام المعروف الذي تعبدنا الله به ، وهو الصوم الظاهر في الشاهد ، على تمام شروطه ، ثم صوم النفس عند الخواص ، بما هي آمرة للجوارح ، وهو إمساكها عما حجر عليها في مسئلة مسئلة وارتفاعها عن ذلك ، وآخرها صوم القلب الموصوف بالسعة للنزول الإلهي ، حيث قال تعالى [وسعني قلب عبدي] وله صوم وهو إمساكه هذه السعة أن يعمرها أحد غير خالقه ، فإن عمرها أحد
____________________________________
لستّ خلت منه ، والإنجيل لثلاث عشرة ليلة خلت منه ، والقرآن لأربع وعشرين ليلة خلت منه ، فيكون نزول القرآن ليلة القدر ليلة خمس وعشرين من رمضان ، ووجه آخر في قوله : (الَّذِي