بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله الذي علّم القرآن من حضرة اسمه الرحمن ، وخلق الإنسان علمه البيان ، وأبان ما في محكم تنزيله ، وشرّف العلماء بمكنون تأويله ، فأعربوا عنه بأفصح لسان ، لكل قاص ودان ، والصلاة والسلام على من كان خلقه القرآن ، سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، ذو الخلق العظيم ، والنور المبين ، الركن المكين ، بحر المعاني ، وصاحب السبع المثاني ، الذي أوتي علم الأولين والآخرين ، وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى لمن اقتدى ، وعلى تابعيهم بإحسان من الورثة الكرام ، والعلماء الأعلام.
أما بعد فقد ترجم عن هذا القرآن العظيم ، جماعة من أئمة الدين ، كل قد اجتهد الغوص في معانيه ، والإعراب عن إعجاز مبانيه ، فجزاهم الله تعالى عن الإسلام والمسلمين ما هو أهله. ومن هؤلاء العلماء ورثة الأنبياء الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي ، فإن له على القطع تفسيرين على الأقل ، هما : كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل ، والثاني هو إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن ، فيقول عن الأول في الفتوحات المكية ، الجزء الأول ص ٥٩ عند الكلام على حروف المعجم في أوائل سور القرآن : «ذكرناه في كتاب الجمع والتفصيل في معرفة معاني التنزيل» ، ويقول في ص ٦٣ : «وقد أشبعنا القول في هذا الفصل عندما تكلمنا على قوله تعالى (فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ) في كتاب الجمع والتفصيل» ويقول في نفس الصفحة عند كلامه على مراتب الحروف : «هذه كلها أسرار تتبعناها في كتاب المبادي والغايات وفي كتاب الجمع والتفصيل» ويقول في ص ٧٧ عند كلامه على حروف المعجم : «من أراد التشفي منها فليطالع تفسير القرآن الذي سميناه الجمع والتفصيل ، وسنوفي الغرض من هذه الحروف إن شاء الله في كتاب المبادي والغايات لنا ، وهو بين أيدينا». أما عن التفسير الثاني «إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن» فيقول في الجزء الثالث