أصاب أرضا) الحديث ، فهذا هو مظهر الحقيقة ، وأما مظهر الصورة فهو العمل ، وقد ثبت تشخص الأعمال بصور شتى ، وقد صح تمثيل الموت بصورة الكبش ، وتمثيل المال بالشجاع الأقرع وغيره ، وتمثيل الملائكة صلى الله عليهم وسلم بالآدميين ، والسنة مشحونة بنحو ذلك ، ومن المعلوم أن الأعمال أعراض ، فإذا ثبت ظهورها وتمثلها بصور الجواهر والأجسام مع القطع بأنها ليست جسما ولا جوهرا ، فإن الملائكة صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا بآدميين ، فعلى مثل ذلك قس إتيان ربنا سبحانه في صور الأعمال ، وأنه لا يلزم من إتيانه في صور الأعمال أن يكون تعالى له صورة ، ولا يلزم من نسبتها وإضافتها إليه أن تكون ذاتية له ، كما ثبت نسبة اليدين والرجلين إلى جبريل عليهالسلام في حديث عمر رضي الله عنه عند مسلم وغيره في قوله : (طلع علينا رجل شديد بياض الثياب) إلى قوله : (فأسند ركبتيه) ـ الحديث ـ ، ومن المعلوم أن الركبتين واليدين التي جاء بها جبريل صلوات الله عليه وسلامه جسمانيات ، وليست ذاتية له ، وبهذا تعلم أن رؤية العباد لربهم تعالى يوم القيامة مختلفة النعيم ، فكل يراه في صورة عمله على حسب مراقبته وإخلاص توجهه إليه ، وصدقه في إقباله عليه ، وتلك الصور حقائق آيات من آيات أسمائه وصفاته تعالى وأخلاقه ، فما من آية منها تخلّق بها العبد في الدنيا إلا وقد تعرف الله تعالى إليه بها ، أما قوله صلىاللهعليهوسلم في حديث الرؤية : (فيأتيهم ربهم في غير الصورة التي يعرفون) أي في ظلة آيات العذاب ومظهر الأعمال السيئة ، فيقولون : (نعوذ بالله منك) أي فيستعيذون بالله من تلك الصورة كما كانوا في الدنيا ينكرونها ويستعيذون منها ، وأما قوله : (فيأتيهم في الصورة التي يعرفون) أي في مظهر أعمال البر ، وظلة صفة الرحمة والنبوة التي كانت تحيي قلوبهم بغيث الهدى والعلم ، فيقولون : (أنت ربنا) يعرفونه بواسطة تعرفه لهم في الدنيا ، تحقيقا لقوله صلىاللهعليهوسلم : (أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة) ، أما صفة الرؤية فقد جاء في غير ما آية ، وفي أحاديث منها في هذا الحديث قوله صلىاللهعليهوسلم : (هل تمارون في رؤية القمر وفي رؤية الشمس) وإذا ثبت تجليه تعالى في صورة روح الشريعة لم يبق في رؤيته إشكال ، وإنما عبر بالوجه والقمر عن حقيقة الوجه وهو نور التوحيد ،
____________________________________
صلىاللهعليهوسلم يرفع حكمه ، فقال : (هَلْ يَنْظُرُونَ) أي ينتظرون (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَالْمَلائِكَةُ) جمع ظلة وهو الطاق ، وهو قيام الساعة ، فما ينتظر غيرها ، وهو قوله : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ